عجبتْ عبيلة ُ منْ فتى ً متبذل عاري الأشاجع شاحِبٍ كالمُنْصُلِ
شَعْثِ المَفارِقِ مُنهجٍ سِرْبالُهُ لم يدَّهنْ حولاً ولم يترجل
لايكتسى الاَّ الحديدَ إذا اكتسى وكذلكَ كلُّ مغاور مستبسل
قد طالَ ما لبِسَ الحديدَ فإنَّما صدأ الحديدِ بجلدهِ لم يغسل
فتضاحَكتْ عَجباً وقالَتْ: يا فتى لا خير فيكَ كأنها لم تحفل
فعجبتُ منها حين زَلّتْ عينُها عن ماجد طَلْقِ اليدَين شَمَرْدَلِ
لا تَصْرميني يا عُبيلُ وَرَاجعي فيَّ البصيرة َ نظرة َ المتأمل
فلربَّ أملحَ منكِ دلاَّ فاعلمي وأَقَرَّ في الدّنيا لعينِ المُجْتلي
وَصَلَتْ حبالي بالذي أنا أهلُهُ من ودها وأنا رخيُّ المطول
يا عَبلُ كم من غمرة ٍ زُهاءَها بالنَّفْسِ مَا كَادتْ لَعمرك تَنْجَلي
فِيها لَوامعُ لَوْ شهدت زْهاءَها لسلوتِ بعد تخضبٍ وتكحل
إما تَرَيْني قد نَحَلْتُ وَمَنْ يكنْ غَرَضاً لأَطْرافِ الأَسِنَّة ِ يَنْحَلِ
فلربَّ أبلجَ مثل بعلكِ بادنٍ ضَخْمٍ على ظهر الجواد مُهيّل
غادرتهُ متعفراً أوصاله والقومُ بين مجَرحٍ ومجدل
فيهم أخو ثقة ٍ يضاربُ نازلا بالمشْرفيّ وفارسٌ لم يَنزِلِ
ورماحنا تكفُ النجيعَ صدورها وسيوفنا تخلي الرقابَ فتختلي
والهامُ تنذرُ بالصعيد كأنما تُلْقي السُّيوفُ بها رُؤوس الحنظل
ولقد لَقيتُ الموْتَ يوْمَ لَقيتُه متَسرْبلاً والسَّيفُ لم يَتسرْبل
فرأيتنا ما بيننا من حاجزٍ إلاّ المجنُّ ونصلُ أبيض مقصل
ذكرً أشقُّ به الجماجم في الوغى وأقولُ لا تقطعْ يمينُ الصيقل
ولرُبَّ مشعِلة ٍ وَزَعتُ رعالَها بمقلصٍ نهدٍ المراكل هيكل
سلس المعذر لا حقٍ أقرابه مُتقلّبٍ عَبَثاً بفأْس المِسْحَلِ
نَهْدِ القَطاة ِ كأَنها منْ صَخْرَة ٍ مَلْساءَ يَغْشاها المسيلُ بمَحفَلِ
وكأَنَّ هادِيَهُ إذا اسْتَقْبَلْتَهُ جذعٌ أذلَّ وكان غيرَ مذلل
وكأنَّ مخرج روحهِ في وجههِ سَرَبَانِ كانا مَوْلَجينِ لجيأَل
وكأنَّ متنيهِ إذا جردتهُ ونزعتَ عنهُ الجلَّ متنا أيلِ
ولهُ حوافرُ مُوثَقٌ ترْكيبُها صمُّ النسور كأنها من جندل
ولهُ عَسِيبٌ ذُو سَبيبٍ سابغٍ مثل الرداء على الغنيَّ المفضل
سلسُ العنانِ إلى القتالِ فعينهُ قبلاءُ شاخصة ٌ كعين الأحول
وكأنَّ مشيتهُ إذا نهنهتهُ بالنّكْلِ مِشْية ُ شارِبٍ مُسْتَعجلِ
فعليهِ أَقْتَحِمُ الهِياجَ تقَحُّماً فيها وأنقضُّ انقضاضَ الأجدلِ
تمشي النَّعامُ به خَلاَءً حوْلَهُ مشي النصارى حول بيتِ الهيكل
احذرْ محلَّ السوءِ لا تحللْ به واذا نبا بكَ منزلٌ فتحول
تكْفي خَصاصة َ بيْتِنا أرْماحُنا شالتْ نعامة ُ أينا لم يفعل
دُموعٌ في الخدودِ لها مَسيلُ وعينٌ نَوْمُها أبداً قليلُ
وصبٌّ لا يقرُّ له قرارٌ ولا يسْلو ولو طالَ الرَّحيلُ
فَكم أبكي بإبْعادٍ وَبينٍ وتشجيني المنازلُ والطلول
وكم أبكي على إلْفٍ شجَاني وما يُغني البكاء ولا العويل
تلاَقَيْنا فما أطْفى التَّلاقي لهيباً، لا ولا بَرَدَ الغَليلُ
طَلبتُ من الزمانِ صفاءَ عَيْشٍ وَحَسْبُكَ قدْرُ ما يُعْطي البَخيلُ
وها أنا ميتٌ إن لم يعُني عَلَى أمير الهوى الصَّبْرُ الجَميل
نَفّسُوا كَرْبي وَداوُوا عِلَلي وابرِزوا لي كلَّ لَيثٍ بطل
وانْهلُوا منْ حَدِّ سَيْفي جُرعاً مُرَّة ً مثْلَ نَقيعِ الحنْظل
وإذا الموتُ بدا في جحفلٍ فدعوني للقاءِ الجحفل
يا بني الأعجامِ ما بالكم عن قِتَالي كلُّكُمْ في شُغُلِ
أينَ منْ كانًَ لقتلي طالباَ رَامَ يَسْقَيني شَرَابَ الأَجل
أبْرِزُوهُ وانْظرُوا ما يلْتقي مِن سِناني تحتَ ظِلِّ القسْطل
قَسَماً يا عبَلَ يا أختَ المهَا بثَنَايَاكِ العِذابِ القُبَلِ
وبعينيكَ وما قد ضمنتْ مِنْ دَواهي سِحْرِها والكُحَلِ
إنني لولاَ خَيالٌ طارقٌ منكِ ما ذقتُ هجوعَ المقل
أَتُرى تُنْبيكِ أروَاحُ الصَّبا باشْتياقي نحْو ذاكَ المنْزل
فَسَقى الله لياليكِ التي سَلفتْ صَوْبَ السّحابِ الهَطِلِ
اذا ريح الصَّبا هبتْ أصيلاَ شَفَتْ بهبوبها قلْباً عليلا
وجاءَتني تخبر أنَّ قومي بمن أهْوَاهُ قد جَدُّوا الرَّحيلا
وما حَنُّوا على منْ خَلَّفوهُ بوَادي الرَّمل مُنْطَرحاً جديلا
يَحنُّ صبابة ً ويَهيمُ وجداً إليهمْ كُلَّما ساقُوا الحُمولا
ألا يا عبلَ إنْ خانوا عهودي وكان أبوكِ لا يرعى الجميلا
حَملْتُ الضَّيْمَ والهّجرَانَ جُهْدِي على رَغمي وخالَفْتُ العَذُولا
عَرَكْتُ نَوائبَ الأَيامِ حتى رأَيتُ كَثيرَها عِنْدي قليلا
وعاداني غرابُ البين حتى كأَنّي قد قَتَلْتُ له قَتيلا
وقد غنّى على الأَغصانِ طيْرٌ بصوْتِ حَنِينه يَشْفي الغليلاَ
بكى فأعرتهُ أجفانَ عيني وناحَ فزادَ إعْوالي عَويلاَ
فقُلْتُ له: جَرحْتَ صَميم قَلْبي وأبدى نوحك الداءَ الدَّخيلا
وما أبقيتَ في جفني دموعاً ولاَ جسماً أعيشُ به نحيلاَ
ولاَ أبقى ليَ الهجرانُ صبراً لكيْ ألقى َ المنازلَ والطلولا
أَلِفْتُ السُّقْمَ حتى صارَ جِسْمي إذا فقدَ الضنى أمسى عليلا
ولو أنيّ كشفتُ الدرع عني رأيتَ وراءَهُ رسْماً مُحيلا
وفي الرسمِ المحيلِ حسامُ نفسً يُفلّلُ حَدُّهُ السَّيْفَ الصَّقيلا
لِمَنْ طَللٌ بوَادِي الرَّمْلِ بالي مَحتْ آثارَهُ ريحُ الشمالِ
وقفتُ به ودمعي من جفوني يَفيضُ على مَغانيهِ الخَوالي
أُسائِلُ عَنْ فَتاة ِ بني قُرادٍ وعنْ أترابها ذاتِ الجمال
وكيفَ يجيبنى رسمُ محيلُ بعيدُ لا يعنُّ على سؤالِ
اذا صاح الغرابُ به شجاني وأجرى أدْمُعي مِثلَ اللآلي
وأخبرني بأَصْنافِ الرَّزايا وبالهجرانِ منْ بعد الوصال
غُرابَ البيْنِ ما لكَ كلَّ يوْمٍ تُعاندُني وقد أشغلْتَ بالي
كأَنِّي قد ذَبحتُ بحدِّ سيْفي فراخَكَ أوْ قَنَصْتُكَ بالحبال
بحقِّ أبيكَ داوي جُرْحَ قلْبي ورَوِّحْ نارَ سِرِّي بالمقال
وخبّرْ عنْ عُبيْلة َ أَيْنَ حلّت وما فعلتْ بها أيدِي اللَّيالي
فقلبي هائمٌ في كلَّ أرض يقبلُ إثر أخفافِ الجمال
وجسمي في جبال الرمل ملقى خيالٌ يرتجي طيف الخيال
وفي الوادي على الأَغظان طيْرٌ ينوحُ ونوحهُ في الجوَّ عال
فقلْتُ له وقد أبدى نحيبا: دعِ الشَّكْوى فحالُكَ غيرُ حالي
أنا دمعي يفيض وأنت باكٍ بلاَ دَمْعٍ فذَاكَ بُكاءُ سالِ
لَحى الله الفِراقَ ولاَ رَعاهُ فَكَمْ قدْ شَكَّ قلبي بالنّبال
أقاتلُ كلَّ جبارٍ عنيدٍ ويقتلني الفراقُ بلا قتال
عذابُكِ يا ابْنة َ السَّاداتِ سَهْلُ وجور أبيك انصافٌ وعدل
فَجوروا واطلُبوا قَتلي وظُلمي وتعذيبي فإني لاّ أمل
ولاَ أَلو وَلا أشفي الأَعادي فساداتي لهمْ فَخْرٌ وفضلُ
أناسٌ أنزلونا في مكانٍ من العلْياءِ فوقَ النَّجم يعلو
إذا جارُوا عَدَلنا في هَواهُمْ وانْ عزُّوا لعزتهم نذلُّ
وكيف يكونُ لي عزمٌ وجسمي تَرَاهُ قد بَقِيَ منْهُ الأَقلُّ
فيا طيرَ الأراكِ بحق ربّ براكَ عساكَ تعلمُ أينَ حلوا
وتطلقُ عاشقاً من أسرِ قومٍ لهُ في حبهم أسرٌ وغل
يُنادُوني وَخيلُ الموْت تجري: محلُّك لا يُعادلهُ محلُّ
وقد أمسوا يعيبوني بأمي وَلوني كلما عَقدوا وحَلُّوا
لقد هانَتْ صروفُ الدَّهر عندِي وهانوا أهله عندي وقلوا
ولي في كلّ معرَكَة ٍ حديثٌ إذا سمعت به الأبطالُ ذلوا
غللتُ رقابهمْ وأسرتُ منهمْ وهمْ في عظم جمعهم استقلُّوا
وأحصنت النساءَ بحدَّ سيفي وأعدائي لِعَظْمِ الخوفِ فُلُّوا
أثيرُ عجاجها والخيلُ تجري ثقالا بالفوارس لاتملُّ
وأرجعُ وهى قد ولت خفافاً محيَّرة ً من الشَّكوى تكلُّ
وأرضى بالإهانة ِ معَ أناسٍ أراعيهمْ ولو قتلي أحلُّوا
وأصبرُ للحَبيبِ وإنْ جَفاني وَلم أترُكْ هَواهُ وَلستُ أسلو
عسى الأيام تنعم بقريبٍ وبَعْدَ الهَجْرِ مُرُّ العيشِ يَحلُو
عفتِ الديارَ وباقي الأطلال ريحُ الصَّبا وتقلُّبُ الأَحْوَالِ
وعفا مَغانِيَها فأَخْلقَ رسْمِها تردادُ وكفِ العارضِ الهطال
فلئنْ صَرمْتِ الحبلَ يا ابنة َ مالكٍ وسمعتِ فيَّ مقالة العذال
فَسلي لِكيْما تُخبَري بفعائلي عندَ الوغى ومواقفِ الأهوال
والخيلُ تعثرُ بالقنا في جاحِمٍ تهفو به ويجلنَ كلَّ مجال
وأنا المجربُ في المواقف كلها منْ آلِ عبسٍ منصبي وفعالي
منهمْ أبي شدادُ أكرمُ والدٍ والأُمُّ منْ حامٍ فهمْ أخْوالي
وأنا المنية ُ حينَ تشتجرُ القنا والطعنُ مني سابقُ الآجال
ولربَّ قرنٍ قد تركتُ مجدلاً ولبانُهُ كَنَواضِح الجريال
تنتابهُ طلسُ السباع مغادراً في قفرة ٍ متمزقَ الأوصال
وَلرُبَّ خَيْلٍ قد وَزَعْتُ رَعيلها بأَقبَّ لا ضغنٍ ولاَ مِجْفال
ومُسرْبلٍ حلقَ الحديدِ مُدَجَّجٍ كاللَّيْثِ بين عرينَة ِ الأَشْبال
غادرتهُ للجنب غيرَ موسدٍ مُتثنّيَ الأَوْصالِ عند مجال
ولربّ شربٍ قد صبحتُ مدامة ً ليْسوا بأَنكاس ولا أَوغال
وكواعبٍ مثل الدمى أصبيتها ينْظُرْنَ في خَفر وحُسنِ دلاَلِ
فَسلي لِكيْما تُخبَري بفعائلي وسلي الملوك وطيءِ الأجيال
وسلي عشائر ضبة ٍ إذ أسلمتْ بكْرٌ حلائِلَها ورَهْطَ عِقَالِ
وبني صباحٍ قدْ تركْنا منْهمُ جزراً بذاتِ الرمثِ فوق أثال
زَيداً وسوداً والمُقطِّعَ أقْصدتْ أرْماحُنا ومُجاشعَ بْن هِلالَ
رعناهم بالخيل تردي بالقنا وبكُلِّ أبيضَ صارِمٍ فَصَّال
مَنْ مِثْلُ قوْمي حين يختلفُ القَنا وإذا تزلُّ قوائمُ الأبطال
والطَّعْنُ مني سابقُ الآجال صَدْقِ اللِّقاءِ مُجرَّبِ الأَهوال
عِنْدَ الوَغى وَمواقِفِ الأَهوال نفْسي وراحِلتي وسائرُ مالي
قَوْمي صَمَامِ لمن أرادُوا ضيْمَهُمْ والقاهرون لكلَّ أغلبَ صال
والمُطْعمُونَ وما عليْهمْ نِعْمة ٌ والأَكرَمون أباً ومحتدَ خال
نحن الحصى عدداً ونحسبُ قومنا ورجالَنا في الحرْبِ غيرَ رجال
منا المعينُ على الندى بفعالهِ والبذلِ في اللزباتِ بالأموال
إنَّا إذا حَمِسَ الوغى نُرْوي القنا ونعفُّ عند تقاسمِ الأنفال
نأْتي الصَّريخَ على جيادٍ ضُمَّرِ خمصِ البطونِ كأنهنَّ سعالي
من كلِّ شَوْهاءِ اليدَين طِمِرَّة ٍ ومقلصٍ عبل الشوى ذيال
لا تأسينَّ على خليطٍ زايلوا بعد الأُلى قُتلوا بذِي أغْيال
كانوا يشبونَ الحروبَ إذا خبتْ قدماً بكلَّ مهندٍ فصال
وأنا المُجَرَّبُ في المَواقف كلِّها وسَمِعْتِ فيَّ مقالَة العُذَّال
تَرْدادُ وكفِ العارضِ الهطَّال طَعْناً بكلّ مثقَّفٍ عَسَّال
يُعْطي المِئينَ إلى المِئينَ مرزّأً ناجٍ منَ الغمراتِ كالرئبال
يعطى المئين إلى المئين مرزءَا حَمّالِ مَفْظَعَة ٍ مِنَ الأَثْقال
وإذا الأُمورُ تحوّلتْ ألفَيْتَهُم عصمَ الهوالك ساعة َ الزلزال
وهمُ الحماة ُ إذا النّساءُ تحسّرتْ يوْمَ الحفاظِ وكانَ يوْمُ نَزَال
يقصون ذا الأنفِ الحمى َّ وفيهم حلمٌ وليسَ حرامهمْ بحلال
المُطْعِمُونَ إذا السّنُونُ تَتَابَعتْ محلاً وضنّ سحابها بسجال
لا تَقْتضِ الدَّيْنَ إلاّ بالقَنا الذُّبُلِ ولاتحكمْ سوى الأسياف في القلل
ولاَ تُجاورْ لئاماً ذَلَّ جارُهُمُ وخلِّهمْ في عِرَاصِ الدَّارِ وارْتَحلِ
وَلاَ تَفِرَّ إذا ما خُضْتَ معركة ً فما يَزيدُ فِرارُ المرْءِ في الأَجل
يا عبلَ أنتِ سَوادُ القلْبِ فاحْتكِمي في مُهْجَتي واعدِلي يا غايَة َ الأَملِ
وإن ترحلتِ منْ عبس فلاّ تقفي في دارِ ذُلٍّ ولا تُصْغي إلى العَذَلِ
لأَنَّ أرْضهُمُ منْ بعدِ رِحْلتِنا تبقى بلاَ فارس يُدْعَى ولا بَطَلِ
سلي فزَارَة َ عنْ فِعْلي وقد نفَرتْ في جحفل حافل كالعارض الهطل
تَهُزُّ سُمْرَ القَنَا حِقْداً عَليَّ وقد رأَتْ لَهيبَ حُسامي ساطعَ الشُّعَلِ
يخبرْكِ بدرُ بنُ عمْروٍ أَنني بَطلٌ ألقى الجيوش بقلبٍ قدَّ منْ جبل
قاتلتُ فرسانَهم حتى مضَوْا فرقاً والطعنُ في إثرهمْ أمضى منَ الأجل
وعادَ بي فرَسي يمشي فتعثرهُ جماجمٌ نثرتْ بالبيض والأسل
وقد أسرتُ سَراة َ القومِ مقتدراً وعدت من فرحي كالشَّارب الثَّمل
يا بينُ رَوَّعْتَ قلبي بالفِراق وما أبكي لِفُرْقة ِ أصْحابٍ ولا طَلل
بل منْ فراق التي في جفنها سقمٌ قد زادني عللاً منه على عللي
أُمسي على وَجلٍ خَوْفَ الفِرَاقِ كما تمسي الأَعاديُّ من سيفي على وَجل
منْ لي برد الصَبا واللَّهووالغَزل هيهاتَ ما فاتَ منْ أَيَّامِكَ الأَوَّل
طوى الجَديدانِ ما قد كنْتُ أنْشُرُهُ وأنكرتني ذواتُ الأعينِ النجُل
وما ثنى الدَّهْرُ عزْمي عنْ مُهاجمة ٍ وخَوْضِ مَعْمَعة ٍ في السَّهْل والجبل
في الخيل والخافِقاتِ السُّودِ لي شُغُلٌ ليْس الصَّبابة ُ والصهباء من شُغُلي
لقد ثناني النهى عنها وأدبي فلسْتُ أبكي على رسْمٍ ولا طَلل
سلوا جوادي عني يوْمَ يحْملني هل فاتني بطلٌ أو حلتُ عن بطل
وكم جُيوشٍ لقد فرَّقتُها فِرْقاً وعارضُ الحتفِ مثلُ العارضِ الهطل
وموكبٍ خضتُ أعلاهُ وأسفله بالضَّرْبِ والطَّعنِ بينَ البيضِ والأَسل
ماذا أُريدُ بقوْمٍ يَهْدِرُونَ دمي ألستُ أولاهمُ بالقولِ والعمل
لا يشربُ الخمرإلا منْ له ذممٌ ولا يبيت لهُ جارٌ على وَجل
حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل واذا نزلتْ بدار ذلَّ فارحل
وإذا بُليتَ بظالمٍ كُنْ ظالماً واذا لقيت ذوي الجهالة ِ فاجهل
وإذا الجبانُ نهاكَ يوْمَ كريهة ٍ خوفاً عليكَ من ازدحام الجحفل
فاعْصِ مقالَتهُ ولا تَحْفلْ بها واقْدِمْ إذا حَقَّ اللِّقا في الأَوَّل
واختَرْ لِنَفْسِكَ منْزلاً تعْلو به أَوْ مُتْ كريماً تَحْتَ ظلِّ القَسْطَل
فالموتُ لا يُنْجيكَ منْ آفاتِهِ حصنٌ ولو شيدتهُ بالجندل
موتُ الفتى في عزهِ خيرٌ له منْ أنْ يبيتَ أسير طرفٍ أكحل
إنْ كُنْتُ في عددِ العبيدِ فَهمَّتي فوق الثريا والسماكِ الأعزل
أو أنكرتْ فرسانُ عبس نسبتي فسنان رمحي والحسام يقرُّ لي
وبذابلي ومهندي نلتُ العلاَ لا بالقرابة ِ والعديدِ الأَجزل
ورميتُ مهري في العجاجِ فخاضهُ والنَّارُ تقْدحُ منْ شفار الأَنْصُل
خاضَ العجاجَ محجلاً حتى إذا شهدَ الوقعية َ عاد غير محجل
ولقد نكبت بني حريقة َ نكبة ً لما طعنتُ صميم قلب الأخيل
وقتلْتُ فارسَهُمْ ربيعة َ عَنْوَة ً والهيْذُبانَ وجابرَ بْنَ مُهلهل
وابنى ربيعة َ والحريسَ ومالكا والزّبْرِقانُ غدا طريحَ الجَنْدل
وأَنا ابْنُ سوْداءِ الجبين كأَنَّها ضَبُعٌ تَرعْرَع في رُسومِ المنْزل
الساق منها مثلُ ساق نعامة ٍ والشَّعرُ منها مثْلُ حَبِّ الفُلْفُل
والثغر من تحتِ اللثام كأنه برْقٌ تلأْلأْ في الظّلامَ المُسدَل
يا نازلين على الحِمَى ودِيارِهِ هَلاَّ رأيتُمْ في الدِّيار تَقَلْقُلي
قد طال عزُّكُم وذُلِّي في الهوَى ومن العَجائبِ عزُّكم وتذَلُّلي
لا تسقيني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
ماءُ الحياة ِ بذلة ٍ كجهنم وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل
فؤادٌ ليسَ يثنيهِ العذولُ وعيْنٌ نوْمُها أبداً قليلُ
عركْتُ النَّائباتِ فهانَ عندِي قبيحُ فِعَال دَهري والجميلُ
وقدْ أوْعَدْتَنِي يا عمرو يوْماً بقولٍ ما لِصحَّتِهِ دليلُ
ستعلم أينا يبقى طريحاً تخطفهُ الذوابلُ والنصولُ
ومنْ تُسبى حليلَتهُ وتُمسي مفجعة لها دمعٌ يسيل
أتذْكُرُ عبْلة ً وتبيتُ حيّاً ودونَ خِبائِها أسدٌ مَهُول
وتطلبُ أنْ تلاقيني وسيفي يُدَكُّ لوقْعه الجبلُ الثَّقيلُ
حاربيني يا نائباتِ اللَّيالي عنْ يميني وتارة ً عن شمالي
واجْهَدي في عَداوَتي وعِنادي أنتِ والله لم تُلِمِّي ببالي
إنَّ لي همة ً أشدُّ من الصخـ ـر وأقْوى منْ راسياتِ الجبال
وسِناناَ إذا تعسفتُ في الليْـ لِ هداني وردَّني عن ضلالي
وجواداً ما سارَ إلاَّ سرَى البَرْ قُ وَرَاهُ من اقْتداحِ النّعال
أدهمٌ يصدعُ الدجى بسوادٍ بين عينيه غرة ٌ كالهلال
يفتديني بنفسه وأفدّيـ ـهِ بنَفْسي يوْم القِتال ومَالي
وإذا قامَ سوقُ حربِ العوالي وتلَّظى بالمرْهفاتِ الصقّال
كنت دَلاَّلها وكان سناني تاجراً يشتري النفوس الغوالي
يا سِباعَ الفَلاَ إذا اشْتعل الحر بُ اتبعيني من القفار الخوالي
إتبعيني ترى دماءَ الأعادي سائلاَتٍ بين الرُّبى والرِّمال
ثم عودي منْ بعد ذا واشكريني واذكري ما رأيْتِهِ منْ فعالي
وخُذي منْ جَماجمِ القوْمِ قوتاً لبنيكِ الصّغار والأشبال
سلي يا عبل عمراً عن فعالي بأعداكِ الألى طلبُوا قتالي
سليه كيف كان لهمْ جوابي إذا ما قال ظنكِ في مقالي
أتونا في الظلاَم على جيادٍ مضمّرة الخواصر كالسّعالي
وفيهم كلُّ جبار عنيد شديدِ البأْسِ مَفْتُولِ السِّبال
ولما أوقدوا نارَ المنايا بأَطْرافِ المثقَّفَة ِ العوالي
طفاها أسودٌ منْ آل عبس بأَبْيضَ صارمٍ حَسَنِ الصِقّال
إذا ما سلَّ سال دماً نجيعاً ويخرُقُ حدُّهُ صُمَّ الجبال
وأسمَرَ كلّما رَفَعَتْهُ كَفِّي يلوحُ سِنَانُهُ مثْلَ الهلال
تراهُ إذا تلوَّى في يميني تسابقهُ المنية في شمالي
ضمنتُ لكَ الضمانَ ضمانَ صدقٍ وأتبعتُ المقالة بالفعال
وفرَّقتُ الكتائبَ عند ضربٍ تخِرُّ لهُ صناديدُ الرِّجال
وما ولَى شجاع الحربِ إلاَ وبين يديه شخصٌ من مثالي
ملأْتُ الأَرضَ خوْفاً من حُسامي فباتَ النَّاسُ في قيلٍ وقال
ولو أَخْلَفْتُ وَعدي فيك قالتْ بنو الأنذال إنيّ عنك سال
لو كان قلبي معى ما اخترتُ غيركم ولا رضيتُ سِوَاكُمْ في الهَوى بدَلا
لكنهُ راغبٌ في منْ يعذّبه فليسَ يقبل لا لوماً ولا عذلا
دع ما مَضى لكَ في الزَّمان الأَوَّل وعلى الحقيقة إنْ عزمت فعوِّل
إنْ كنتَ أنتَ قطعتَ برَّا مقفراً وسلكْتهُ تحتَ الدُّجى في جَحْفل
فأَنا سريتُ معَ الثُّريَّا مُفرداً لا مؤنسٌ لي غيرَ جدّ المنصل
والبدرُ منْ فوق السحاب يسوقه فيسير سيرَ الراكب المستعجل
والنَّسْرُ نحْو الغَربِ يرْمي نفسَه فيكاد يعْثر بالسِّماكِ الأَعزل
والغُولُ بينَ يديَّ يخفى تارة ويعودَ يَظْهَرُ مثْلَ ضَوْءِ المَشْعَلِ
بنواظر رزقٍ ووجهٍ أسودٍ وأظافر يشبهنَ حدَّ المنجل
والجن تفرقُ حول غاباتِ الفلاَ بهماهمٍ ودمادمٍ لمَ تغْفَلِ
وإذا رأْتْ سيفي تضِجُّ مخافة ً كضَجيجِ نُوقِ الحيِّ حَوْلَ المنزل
تلكَ الليالى لو يمرُّ حديثها بوليدِ قومٍ شاب قبلَ المحمل
فاكففْ ودعْ عنكَ الإطالة َ واقتصرْ وإذا اسْتَطعْتَ اليَوْمَ شيئاً فافْعل
عقابُ الهجرِ أعقبَ لي الوصالاَ وصِدْقُ الصَّبْرِ أظْهَرَ لي المحالا
ولولا حبُّ عبلة َ في فؤادي مقيمٌ ما رعيتُ لهم جمالا
عتبتُ الدَّهر كيفَ يذلُّ مثلي ولي عزمٌ أقدُّ به الجبالا
أَنا الرجلُ الذي خُبِّرْتِ عنه وقد عاينْتَ مَعْ خبري الفِعالا
غداة َ أتتْ بنو طيِّ وكلبٍ تهزُّ بكَفّها السُّمرَ الطّوالا
بجيشٍ كلما لاحظت فيه حسبتُ الأرضَ قد ملئتْ رجالا
ودَاسوا أَرْضَنا بمُضَمَّراتٍ فكان صَهيلُها قِيلاً وقالا
تولوا جفَّلاَ منَّا حيارى وفاتوا الظغن منهم والرِّحالا
وما حملتْ ذَوُو الأَنسابِ ضَيْماً ولا سمعتْ لداعيها مقالا
وما رَدَّ الأَعِنَّة َ غيرُ عبْدٍ ونارُ الحربِ تشتعلُ اشتعالاً
بطعن ترعدُ الأبطالُ منهُ لشدته فتجنبُ القتالا
صدمتُ الجَيْشَ حتى كَلَّ مُهري وعدتُ فما وجدتُ لهم ظلالاَ
وراحتْ خيلهمْ من وجه سيفي خِفافاً بعْد ما كانتْ ثقالا
تدوسُ على الفوارس وهْيَ تعدو وقد أخذَتْ جماجمَهُمْ نعالا
وكمَ بطل تركتُ بها طريحاً يحركُ بعد يمناهُ الشّمالا
وخلصتُ العذارى والغواني وما أبقيتُ معْ أحدٍ عقالا
يا صاحبي لا تَبْكِ رَبعاً قد خلا ودَعِ المنازِلَ تشْتكي طولَ البِلى
وَاشْكو إلى حَدّ الحُسامِ فإنه أمْضَى إذا حقّ اللّقاءُ وأفْضلاَ
منْ أين تدري الدَّارُ انكَ عاشقٌ أوْ عنْدها خبرٌ بأَنكَ مُبْتلى
والله ما يمْضي رسُولاً صادقاً إلاّ السّنانُ إذا الخليلُ تبدَّلا
ولقد عَرَكْتُ الدَّهرَ حتى إنهُ لو لمْ يذقْ مني المرارة َ ماحلا
وكذا سباعُ البرِّ لولا شرُّها دارتْ بها في الغابِ غربانُ الفلاَ
فَتَحَمَّلا يا صاحبيَّ رسالتي إنْ كُنُتُما عنْ أرضِ عبْسٍ تَعْدِلا
قولا لقيسٍ والرَّبيعِ بأنني خطُّ المشيبِ على شبابي ما علا
بل لو صدمتُ بهمَّتي جبلي حرى قسماً وحقِّ أبي قبيسَ تزلزلا
لو لم تكُنْ يا قيسُ غرَّك جاهلٌ ما سُقتَ نحو دِيار عنْترَ جَحْفلا
والله لو شاهدْتَهُ ورأيْتهُ ما كان آخرُهُ يلاقي الأَوَّلا
يا قيسُ أنت تَعُدُّ نفسكَ سيداً وأبوك أعرفهُ أجلَّ وأفضلا
فأتبعْ مكارمهُ ولا تذري به إنْ كنت مَّمنْ عقلهُ قد أكملا
فاحذَرْ فزارَة قبل تَطْلُبُ ثأرَها وتريكَ يوماً نارهُ لا تصطلا
فَدِما بني بدْرٍ عليكَ قديمة ٌ وبنو فزارة َ قصْدُها أنْ تغفلا
والله ما خلَّيتُ في أوطانهم إلا النوائحَ صارخاتٍ في الفلا
هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ
ما راعني إلاّ حمولة ُ أهلها طَبٌّ بأَخْذِ الفارسِ المُسْتلئِم
إذ تستبيكَ بذي غروب واضح عذبٍ مقبلهُ لذيذُ المطعم
وكأنما نظرتْ بعينيْ شادنِ رشأٍ من الغزلانِ ليس بتوأم
وكأَنَّ فَارَة َ تاجرٍ بقسيمَة ٍ سبقتْ عوارضها اليكَ من الفمْ
أوْ روْضَة ً أُنُفاً تضمَّنَ نبتَها غيْثٌ قليلُ الدِّمن ليسَ بمَعْلَمِ
جادت عليها كل عين ثَرَّةً فتركنَ كلَّ حديقة ٍ كالدرهم
سَحّاً وتسْكاباً فَكلَّ عشيَّة ٍ يجري عليها الماءُ لم يتصرَّم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه غرداً كفعل الشارب المترنم
تمسي وتصبحُ فوق ظهر حشية ٍ وأبيتُ فوق سرَاة ِ أدْهم مُلْجَم
وحشيتي سرجٌ على عبل الشَّوى نَهْدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المحزِمِ
هل تبلغنى دارها شدنية لُعِنتْ بمَحْرُوم الشَّرابِ مُصرَّم
فكأنما أقصُ الإكام عشية ً بقريبِ بينِ المنْسِمين مُصلَّم
تأوي له قلصُ النَّعام كما أوتْ حزقٌ يمانية ٌ لأعجمَ طمطمِ
يتبعنَ قلة رأسهِ وكأنهُ حِدْجٌ على نعْش لهُنَّ مخيَّمِ
شَربتْ بماءِ الدُّحرُضينِ فأَصْبحتْ زوراءَ تنفرُ عن حياض الدَّيلم
هِرٍّ جَنيبٍ كلّما عطفتْ لهُ غضبى اتقاها باليدين وبالفم
أبقى لها طولُ السّفار مقرمداً سنداً ومثلَ دعائمِ المتخيم
بركتْ على ماءِ الرداع كأنما بركت على قصبٍ أجشَّ مهضَّم
ينْباعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَة ٍ زيافة ٍ مثل الفَنيق المُكْدَمِ
إنْ تغدفي دوني القناع فانني طبٌّ بأخذ الفارس المستلئم
أثني عليَّ بما علِمْتِ فإنني سمحٌ مخالطتي إذا لم أظلم
وإذا ظُلمْتُ فإنَّ ظُلميَ باسلٌ مرٌّ مذَاقَتهُ كَطعم العَلْقم
ينْباعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَة ٍ زيافة ٍ مثل الفَنيق المُكْدَمِ
أثني عليَّ بما علِمْتِ فإنني سمحٌ مخالطتي إذا لم أظلم
وإذا ظُلمْتُ فإنَّ ظُلميَ باسلٌ مرٌّ مذَاقَتهُ كَطعم العَلْقم
ولقد شربتُ من المدامة بعد ما رَكَدَ الهواجرُ بالمشوفِ المُعْلمِ
بزُجاجة ٍ صفْراءَ ذاتِ أسرَّة ٍ قرنتْ بأزهر في الشمالِ مفدَّم
فإذا شربتُ فإنني مُسْتَهْلِكٌ مالي وعرضي وافرٌ لم يُكلم
وإذا صَحَوْتُ فما أَقصِّرُ عنْ ندى ً وكما عَلمتِ شمائلي وَتَكَرُّمي
وحليل غانية ٍ تركتُ مجدلاً تَمكو فريصتُهُ كشدْقِ الأَعْلَمِ
سبقتْ يدايَ له بعاجل طعنة ٍ ورشاشِ نافذَة ٍ كلوْن العَنْدَمِ
هلاّ سأَلتِ الخيلَ يا ابنة َ مالكٍ ومحلّم يسعون تحت لوائهم
إذ لا أزالُ على رحالة ِ سابح نهْدٍ تعاوَرُهُ الكُماة ُ مُكَلَّمِ
طَوْراً يجَرَّدُ للطعانِ وتارة ً يأوي الى حصدِ القسيِّ عرمرمِ
يُخبرْك من شَهدَ الوقيعَة َ أنني أغشى الوغى وأعفُّ عند المغنم
ولقد ذكرْتُكِ والرِّماحُ نواهلٌ مني وبيْضُ الهِنْدِ تقْطرُ منْ دمي
فوددتُ تقبيل السيوفِ لأنها لمعت كبارق ثغركِ المتبسِّم
ومدَّججٍ كرِهَ الكُماة ُ نِزَالَهُ لا مُمْعنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسلم
جادتْ له كفي بعاجل طعنة ٍ بمثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَوَّم
بِرَحِيبَة ِ الفَرْعَينِ يهْدي جَرسُها بالليل معتسَّ الذئابِ الضرَّم
فشككتُ بالرمحِ الأصمِّ ثيابهُ والكُفْرُ مخبَثَة ٌ لنفْس المُنْعِمِ
فتركتهُ جزرَ السباع ينشنهُ يقضمنَ حسنَ بنانهِ والمعصم
وَمِشَكِّ سابغة ٍ هَتكتُ فروجَها بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
زبدٍ يداهُ بالقداح إذا شتا هتَّاك غايات التجار ملوَّم
لما رآني قَدْ نَزَلْتُ أُرِيدُهُ أبدى نواجذهُ لغير تبسُّم
فطعنتهُ بالرُّمح ثم علوتهُ بمهندٍ صافيِ الحديد مخذَم
عهدي به مَدَّ النّهار كأَنما خضبَ اللبان ورأسهُ بالعظلم
يَا شَاة َ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لَهُ حرمتْ عليَّ وليتها لم تحرُم
فَبَعَثْتُ جاريتي فقلْتُ لها اذْهبي فَتجسَّسي أخبارَها ليَ واعلمي
قالتْ رأيتُ منْ الأعادي غرَّة ً والشاة ُ مُمكِنة ٌ لمنْ هُو مُرْتَمِ
وكأنما التفتتْ بجيدِ جداية ٍ رَشَاءٍ من الغِزْلانِ حُرٍّ أرثم
ولقد حفظتُ وصاة عمّي بالضحى إذ تقلصُ الشفتانِ عنْ وضح الفم
في حومة ِ الحربِ التى لا تشتكي غَمَرَاتِها الأَبطالُ غيْرَ تَغَمْغُمِ
إذْ يتقُون بي الأسَّنة لم أخمْ عنها ولكني تضايق مُقدَمي
لما رأيتُ القومَ أقبلَ جمعهُم يتذَامرونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مذَمّم
يدعون عنترَ والرِّماحُ كأنها أشطانُ بئرٍ في لبانِ الأدهم
ما زلتُ أرميهمْ بثغرة ِ نحره ولِبانِهِ حتى تَسَرْبلَ بالدّم
فازورّ من وقع القنا بلبانهِ وشكا إليّ بعَبْرة ٍ وَتَحَمْحُمِ
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها قيلُ الفوارس ويكَ عنتر أقدم
والخيلُ تقْتَحِمُ الخَبَارَ عوابساً ما بين شيْظمة ِ وآخر شيْظم
ذللٌ ركابي حيثُ شئتُ مشايعي لُبِّي وأجْفزُهُ بِأَمْرٍ مُبْرَمِ
إنّي عَدَاني أنْ أزوَركِ فاعْلمي ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
إنّي عَدَاني أنْ أزوَركِ فاعْلمي ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إنّي عَدَاني أنْ أزوَركِ فاعْلمي ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
وفوارسٍ لي قد علمتُهُم صُبُرٍ على التَّكرارِ والكلْمِ
يمشونَ والماذيُّ فوْقهُمُ يتوَقّدُونَ توَقُّدَ الفَحْمِ
كم منْ فتى ً فيهم اخي ثقة ٍ حُرٍّ أَغرَّ كَغُرَّة ِ الرِّئّمِ
ليْسُوا كأَقوامٍ عِلِمْتُهُمْ سودِ الوجوه كمغذنِ البرم
كنا إذا نفر المطيُّ بنا وبدَا لنا أحواضُ ذي الرّضم
نُعْدِي فنَطْعُنُ في أُنُوفِهِمْ نختارُ بين القتلِ والغُنْمِ
إنَّا كذلك يا سُهَيَّ إذا غدرَ الحليفُ نمورُ بالخطم
وبكلّ مُرهَفَة ٍ لها نَفَذٌ بين الضلوع كطرَّة الفدْم
نأَتكَ رقاش إلاّ عنْ لِمامِ وأمسى حبلها خلقَ الرِّمام
وما ذكري رقاش إذا استقرتْ لدَى الطَّرفاءِ عند ابنَيْ شَمامِ
ومَسكِنُ أهلها منْ بَطْنِ جَزْعٍ تبيضُ به مَصاييفُ الحمامِ
وقَفْتُ وصُحْبَتي بأُرَيْنَباتٍ على اقتادِ عوجٍ كالسَّمام
فقلتُ تبيَّنوا ظغناً أراها تحلُّ شُواحِطاً جُنْحَ الظَّلامِ
لقد مَنَّتكَ نفْسُكَ يومَ قَوٍّ أحاديثَ الفؤَادِ المستَهامِ
وقدْ كذبَتْكَ نفْسَكَ فاكْذَبْنَهَا لِما منَّتْكَ تغريراً قَطَامِ
ومُرْقِصة ٍ رَددتُ الخيل عنها وقد همَّتْ بالقاءِ الزمام
فقُلتْ لها: اقْصري منهُ وسيري وقد عَلِقَ الرَّجائزُ بالخِدامِ
وخيْلٍ تحْملُ الأَبطالَ شُعثاً غدَاة َ الرّوعِ أمثالَ السِّهَامِ
عناجيج تخبُّ على رحاها تُثيرُ النَّقْعَ بالمَوْتِ الزُّؤام
إلى خيلٍ مُسوَّمة ٍ عليها حُماة ُ الرّوعِ في رَهجِ القتام
عليها كلُّ جبار عنيدٍ إلى شُرْبِ الدّماء تَراهُ ظامي
بأيديهم مهندة ٌ وسمرٌ كأَنّ ظُباتِها شُعَلُ الضِّرام
فَجاؤوا عارضاً بَرْداً وجئْنا حريقاً في غريفٍ ذِي ضِرام
وأُسكِتِ كلُّ صوْتٍ غيْرِ ضَرْبٍ وعترسة ٍ ومرميِّ ورام
وزعتُ رعيلها بالرمحِ شذراً على ربدٍ كسرحان الظلام
أكر عليهمُ مهري كليما قلائده سبائبُ كالقرام
إذا شكتْ بنافذة ٍ يداهُ تعرَّض موْقِفاً ضَنْكَ المُقام
كأنّ دفوفَ مرجع مرفقيهِ تَوَارثَها منازيعُ السِّهام
تقدم وهو مضطمرٌ مضرٌّ بقارحهِ على فأْس اللّجام
يقدّمُهُ فتًى من خيْرِ عَبْسٍ أبوهُ وأمهُ من آل حام
عَجوزٌ من بني حامٍ بْنِ نُوح: كأنّ جبينها حجرُ المقام
وتظلُّ عبْلة ُ في الخدور تجُرُّها وأظلُّ في حلق الحديدِ المبهم
يا عَبْلَ لو أبْصرْتِني لرَأيتني في الحربِ أُقدِمُ كالهِزَبْر الضَّيْغَمِ
وصغارُها مثلُ الدَّبى وكبارُها مثلُ الضَّفادِع في غدير مقْحَمِ
لما سمعتُ نداءَ مرَّة قد علا وابنى ْ ربيعة َ في الغبار الأقتم
ومُحلَّمٌ يَسْعَوْنَ تحْتَ لوائِهِ والموتُ تحتَ لواءِ آلِ محلم
أيقنتُ أنْ سيكونُ عند لقائهمْ ضرْبٌ يُطيرُ عن الفِراخِ الجُثّمَ
يدعونَ عنترَ والسيوفُ كأنها لَمْعُ البَوارقِ في سِحابٍ مُظْلم
يدعونَ عنترَ والدروعُ كأنها حَدقُ الضَّفادعِ في غديرٍ دَيْجَمِ
تسْعى حَلائِلنا إلى جُثمانه بجنى الأراكِ تفيئة ً والشبرُم
فأرى مغانمَ لو أشاء حويتها فيصدُّني عنها كثيرُ تحشمي
وأنتَ الذي كلّفتني دَلجَ السُّرَى وجون القطا بالجلهتين جثوم
سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم وأَسْهرُ ليلي والعواذلُ نوَّمُ
وأطْمعُ من دَهري بما لا أنالهُ وألزمُ منه ذلَّ من ليسَ يرحمْ
وأرجو التداني منكِ يا ابنة مالكٍ ودونَ التَّداني نارُ حَرْبٍ تُضَرَّمُ
فمني بطيفِ من خيالكِ واسألي إذا عادَ عني كيفَ باتَ المتيَّمُ
ولا تَجْزَعي إنْ لَجَّ قوْمُكِ في دَمي فما لي بعْدَ الهجرِ لَحمٌ ولا دَمُ
ألم تسمعي نوحَ الحمائمٍ في الدجى فمنْ بعض أشجاني ونوحي تعلّموا
ولم يبْقَ لي يا عبلَ شخْصٌ معَرَّفٌ سوى كبدٍ حَرَّى تذوبُ فأَسقمُ
وتلكَ عِظامٌ بالياتٌ وأَضْلعٌ على جلدِها جيْشُ الصُّدودِ مخيِّمُ
وإنْ عشْتُ منْ بَعد الفراقِ فما أنا كما أدَّعي أني بعبلة َ مُغْرَمُ
وإنْ نامَ جفني كانَ نومي علالة ً أقولُ لعلَّ الطَّيف يأتي يسلّم
أَحِنُّ إلى تلكَ المنازلِ كلّما غدَا طائرٌ في أيكَة ٍ يترَنَّمُ
بكيتُ من البيْنِ المُشِتِّ وإنني صبورٌ على طعن القنا لو علمتُم
هذِه نارُ عبلة ٍ يا نديمي قد جلتْ ظلمة َ الظَّلام البهيم
تتلظَّى وَمثْلُها في فؤادي نارُ شَوْق تزْداد بالتَّضريم
أَضْرمَتْها بيضاءُ تهْتز كالْغُصْـ ن اذا ما انثنى بمرِّ النسيم
وكَستْهُ أنْفاسُها أرَجَ النَّـ
كاعبٌ ريقها ألذُّ من الشه ـدِ اذَا مازجتْهُ بنْتُ الكُرُوم
كلما ذُقتُ بارداً من لَماها خلتهُ في فمي كَنار الجحيم
سَرقَ البدْرُ حسْنَها واسْتعارَت سحرَ أجفانها ظباءُ الصَّريم
وغرامي بها غرامٌ مقيمُ وعذابي منَ الغرام المقيم
واتّكالي على الذِي كلّما أبـ صرَ ذلّي يزيد في تعظيمي
ومُعيني على النَّوائبِ ليثٌ هو ذخْري وفارجٌ لهمومي
ملِكٌ تسْجُدُ المُلوكُ لذِكْرَا ه وتومي إليهِ بالتفخيم
وإذا سارَ سابقتهُ المنَايا نحوَ أعداهُ قبلَ يومِ القدوم
تُعَنِّفني زَبيبة ُ في الملاَمِ على الإقدام في يومِ الزّحام
تخافُ عليَّ أن ألقى حمامي بطعن الرُّمح أو ضربِ الحسام
مقالٌ ليسَ يَقْبَلُهُ كِرامٌ ولا يرضى به غيرُ اللّئام
يخوضُ الشَّيْخُ في بَحْر المنايا ويرْجعُ سالماً والبَحْرُ طامِ
ويأْتي الموْتُ طِفلاً في مُهودٍ ويلقى حتفهُ قبلَ الفطام
فلا ترْضى بمنقَصَة ٍ وَذُلٍّ وتقنعْ بالقليل منَ الحطام
فَعيْشُكَ تحْتَ ظلّ العزّ يوْماً ولا تحت المذلَّة ِ ألفَ عام
سلي يا ابنة َ العبسيِّ رمحي وصارمي وما فَعلاَ في يوم حَرْبِ الأَعاجمِ
سقيتهما والخيلُ تعثرُ بالقنا دماءَ العدَا ممزوجة ًبالعلاقم
وفرَّقتُ جيشاً كانَ في جنباتهِ دمادمُ رعد تحتَ برقِ الصَّوارم
على مُهرة ٍ منْسوبة ٍ عربيَّة ٍ تطيرُ إذا اشتَدَّ الوغَى بالقَوائم
وتصهلُ خوفاً والرِّماحُ قواصدٌ إليها وتنْسَلُّ انسلاَلَ الأَراقم
قَحمْتُ بها بحرَ المنايا فحَمحَمتْ وقد غَرِقتْ في موْجِهِ المتلاطَم
وكم فارسٍ يا عَبلَ غادَرْتُ ثاوياً يَعَضُّ على كَفَّيْهِ عضَّة َ نادِمِ
تقلّبهُ وحشُ الفلاَ وتنوشهُ منَ الجوِّ أسْرابُ النُّسور القشاعِم
أحبُّ بني عبس ولو هدروا دَمي وأُظهرُ أني ظالمٌ وابْن ظالم
فؤادٌ لا يسلّيهِ المدامُ وجسمٌ لا يفارقهُ السَّقامُ
وأجفانٌ تبيت مقرَّحاتٍ تسيل دماً إذا جنَّ الظَّلام
وهاتفة ٌ شجتْ قلبي بصوتٍ يلذُّ بهِ الفؤَادُ المستَهامُ
شُغِلْتُ بذكْرِ عَبلَة َ عنْ سوَاها وَقُلْتُ لِصاحبي هذَا المَرام
وفي أرضِ الحِجازِ خِيامُ قَوْمٍ حلال الوصل عندهم حرام
وبينَ قبابِ ذاكَ الحيِّ خَوْدٌ رداحٌ لا يماط لها لثام
لها من تحت برْقُعِها عيونٌ صِحاحٌ حَشْو جَفْنيها سَقامُ
وبينَ شِفافها مِسْكٌ عَبيرٌ وكافورٌ يمازجهُ مُدام
فما للبدر إنْ سفرتْ كمالٌ وما للغصنٍ إنْ خطرتْ قوام
يلذُّ غرَامُها والوجدُ عِندي ومنْ يعْشَقْ يلَذ له الغرامُ
ألا يا عبلَ قد شَمِت الأعادي بإبعادي وقد أَمِنو وناموا
وقد لاقيتُ في سفري أُموراً تشيّبُ منْ له في المَهْدِ عامُ
وبعد العُسْر قد لاقيْتُ يُسراً وملكاً لا يحيطُ به الكلامَ
وسلْطاناً لهُ كلُّ البرَايا جنودٌ والزّمانُ لهُ غلام
يفيضُ عطاؤه من راحَتيْهِ فما ندري أبَحْرٌ أم غمام
وقد خلَعَتْ عليه الشَّمْسُ تاجاً فلا يغْشى مَعَالِمَهُ ظلاَمُ
جَواهرهُ النُّجومُ وفيه بدرٌ أقلُّ صِفاتِ صورتِه التّمام
بنو نعشٍ لمجلسه سريرٌ عليها والسَّماوات الخِيامُ
ولولا خوفهُ في كلِّ قطر من الآفاق ما قَرَّ الحُسامُ
جميعُ النَّاس جسْمٌ وهْوَ رُوحٌ به تَحيا المَفاصِلُ والعِظامُ
تُصَلِّي نحَوَهُ من كلِّ فَجٍّ ملُوكُ الأَرْض وهْو لها إمامُ
قدمْ يا سيَّد الثقلين وابقى مدى الأَيّام ما ناحَ الحمامُ
هاجَ الغرامُ فدُرْ بكاس مُدام حتى تغيبَ الشَّمْسُ تَحتَ ظلاَمِ
ودع العوذال يُطنِبوا في عذلهم فأَنا صديق اللَّومِ واللّوَّامِ
يدّنو الحبيبُ وإنْ تناءتْ دارهُ عني بطيفٍ زارَ بالأحلام
فكأَنَّ مَنْ قَدْ غَابَ جاءَ مُواصلي وكأَنَّني أُومي لهُ بسلاَم
ولقد لَقيتُ شدائداً وأوابداً حتى ارتقيتُ إلى أعزِّ مقام
وقهرتُ أبطالَ الوعى حتى غدوا جَرحى وقَتْلى منْ ضِرابِ حُسامي
ما راعنى إلاّ الفراق وجوره فأَطَعْتُهْ والدهرُ طَوعُ زِمامي
أَظُلماً ورمْحي ناصري وحُسامي وذلاًّ وعزِّي قائِدٌ بزمامي
ولي بأس مفتول الذِّراعينِ خادرٍ يدافع عنْ أشبالهِ ويحامي
وإني عزيزٌ الجار في كلِّ موطن وأُكرم نفْسي أنْ يهونَ مقامي
هجرت البيوت المشرفاتِ وشاقني بريق المواضى تحت ظلّ قتام
وقد خيَّروني كأْسَ خمْرٍ فلم أجد سوى لوعة ٍ في الحرب ذاتِ ضِرامِ
سأرحل عنْكم لا أزور دياركم وأقصدها في كلِّ جنح ظلام
وأطْلب أعدائي بكل سمَيذع وكل هزبرٍ في اللقاء همام
مُنِعتُ الكَرى إن لم أَقدْها عوابساً عليها كرامٌ في سروج كرام
تهزُّ رماحاً في يديْها كأَنَّما سقين من اللَّبات صرف مدام
إذا أشْرَعوها للطعان حَسِبْتها كواكب تهديها بدور تمام
وبيض سيوفٍ في ظلال عجاجة كقطر عوادٍ في سوادِ غَمام
أَلاَ غنيّا لي بالصّهيل فإنَّه سَماعي ورَقْراقُ الدماءِ نِدامي
وحطَّا على الرَّمضاءِ رحلي فإنها مقيلي وإخفاقُ البنودِ خيامي
ولا تذْكرا لي طيبَ عيْش فإنما بلوغُ الأّماني صحَّتي وسقامي
وفي الغزو ألقى أرغدَ العيش لذَّة ً وفي المجدِ لا في مشربٍ وطعام
فماليَ أرضى الذُّلَّ حظّاً وصارمي جريءٌ على الأعناق غير كهام
ولي فرسٌ يحْكي الرِّياح إذا جرى لأبعدِ شأو من بعيد مرام
يجيبُ إشاراتِ الضَّمير حساسة ً ويغنيكَ عن سوطٍ لهُ ولجام
خُسِف البدْرُ حين كان تماماً وخفى نُورُهُ فعاد ظلاَما
ودراري النُّجوم غارتْ وغابَتْ وضياءُ الآفاق صار قَتاما
حين قالوا زهيرُ ولى قتيلاً خيَّم الحُزنُ عِنْدنا وأقاما
قد سقَاهُ الزَّمانُ كاسَ حِمام وكَذاكَ الزمانُ يسْقي الحِماما
كانَ عوْني وعُدَّتي في الرَّزايا كانَ درعي وذابلي والحساما
يا جفوني إنْ لم تجودي بدمعٍ لجَعلْتُ الكَرى عليكِ حرَاما
قَسماً بالذي أماتَ وأحْيا وتَوَلى الأَرواحَ والأَجساما
لا رفعتُ الحسام في الحربِ حتى أتركَ القومَ في الفيافي عظاما
يا بني عامرٍ ستلقون برقاً من حسامي يجري الدّماءَ سجاما
وتَضجُّ النساءُ من خيفَة ِ السَّبـ ـي وتَبكي على الصّغار اليتامَى
قفا يا خليليَّ الغداة َ وسلما وعُوجا فإن لم تَفْعلا اليوْم تَنْدما
على طللٍ لو أنهُ كان قبلهُ تَكلَّمَ رَسْمٌ دارسٌ لَتَكَلَّما
أيا عزَّنا لا عزَّ في الناس مثله على عهْدِ ذي القرْنين لن يتَهدَّما
إذا خطرتْ عبسٌ ورائي بالقنا علَوْتُ بها بيتاً مِنَ المجدِ مُعْلما
تراهُمْ يَعدُّون العناجيجَ والقنا طوال الهوادي فوقَ وردٍ وأدهما
إذا ما ابتدرنا النَّهب من بعد غارة ٍ أثرنا غباراً بالسَّنابكِ أقتما
ألاّ ربَّ يومٍ قد أنخنا بدراهم أقيمُ بهمْ سيفي ورُمحي المقومَّا
وما هزَّ قومٌ راية ً للقائنا من النَّاسِ إلاّ دراهمْ ملئتْ دما
وإنَّا أبَدْنا جمَعَهُمْ برماحِنا وإنا ضَربْنا كَبْشَهُمْ فتحطَّما
بكلّ رقيق الشَّفرتينِ مهنَّدٍ حُسامٍ إذا لاقى الضَّريبة َ صمَمَّا
يُفلِّقُ هامَ الدَّارعينَ ذُبابُهُ ويَفْري مِنَ الأَبطالِ كفّاً ومِعصَما
أتاني طَيْفُ عبْلة َ في المَنامِ فقبَّلني ثلاثاً في اللثامِ
وودَّعني فأودعني لهيباً أستّرُهُ ويَشْعُلُ في عِظامي
ولو أنني أخْلو بنفْسي وأطفي بالدُّموع جوى غرامي
لَمتُّ أسى ً وكم أشْكو لأَني وأطْفي بالدُّموع جَوى غَرامي
أيا ابنة َ مالكٍ كيفَ التَّسلّي وعهدُهواك من عهدِ الفِطام
وكيفَ أرُومُ منْكِ القُرْبَ يوْماً وحولَ خباكِ آسادُ الإجام
وحقِّ هواكِ لا داوَيْتُ قلبي بغيرِ الصبر يا بنتَ الكرام
إلى أنْ أرتقي درجَ المعالي بطعن الرُّمح أو ضربِ الحسام
أنا العبدُ الذي خُبّرْتِ عنه رَعيْتُ جِمالَ قوْمي منْ فِطامي
أروحُ من الصَّباح الى مغيبٍ وأرقُدُ بينَ أطْنابِ الخِيامِ
أذِلُّ لعبْلة ٍ منْ فَرْطِ وجْدي وأجعلها من الدُّنيا اهتمامي
وأمْتثِلُ الأَوامرَ منْ أَبيها وقد مَلكَ الهوى مني زمامي
رضيتُ بحبّها طوْعاً وكُرْهاً فهلْ أحظى بها قبلَ الحمام
وإنْ عابتْ سوادي فهو فخري لأني فارسٌ من نسل حام
ولي قلْبٌ أشَدُّ منَ الرّواسي وذكري مثلُ عرْفِ المسْكِ نام
ومنْ عَجبي أَصيدُ الأُسْد قَهْراً وأَفتَرسُ الضَّواري كالهوَام
وتقنصني ظبا السَّعدي وتسطو عليَّ مها الشَّرِبَّة ِ والخُزام
لَعَمْرُ أبيكَ لا أَسْلو هَواها ولو طحنتْ محبَّتها عظامي
عليْكِ أَيا عُبيْلة ُ كلَّ يوْمٍ سلامٌ في سلامِ في سلامِ
أنا في الحربِ العوان غيرُ مجهول المكان
أينما نادَى المنادي في دُجى النَّقْع يرَاني
وحسامي مع قناتي لفعالي شاهدان
أنني أطعنُ خصمي وَهْو يَقْظانُ الجَنانِ
أسقِهِ كاسَ المنايا وقِراها منهُ دَاني
أشعلُ النَّار ببأسي وأطاها بجناني
إنني ليثٌ عبُوسٌ ليسَ لي في الخلْق ثاني
خلق الرِّمحُ لكفي والحسامُ الهندواني
ومعي في المَهْدِ كانا فوْق صدْري يُؤْنِساني
فإذا ما الأَرضُ صارتْ وردة َ مثل الدّهان
والدّما تجري عليها لونها أحمرُ قاني
ورأيتُ الخيلَ تهوي في نَوَاحي الصَّحْصحان
فاسْقياني لا بكأْسٍ من دمٍ كالأرجوان
واسمعاني نغمة َ الأس ـيافِ حتى تُطرباني
أطيبُ الأصواتِ عندي حُسْنُ صوْت الهنْدواني
وصريرُ الرُّمحِ جهراً في الوغى يومَ الطَّعان
وصِياحُ القوْمِ فيه وهْو للأَبْطال داني
أُحِبُّكِ يا ظَلُومُ فأَنْتِ عِنْدي مكان الرُّوح من جسدِ الجبان
ولو أَني أقولُ مكانَ روحي خشيتُ عَليْكَ بادِرَة َ الطّعانِ
يا أيها الملكُ الذي راحاتُهُ قامَتْ مَقامَ الغيْثِ في أزمانِهِ
يا قِبْلَة َ القُصَّادِ يا تاجَ العُلا يا بدْر هذا العصر في كيوانه
يا مُخجِلاً نَوْءَ السَّماء بجُودهِ يا مُنْقذَ المحزونِ منْ أحزانه
يا ساكِنينَ ديارَ عبْسٍ إنني لاَقيْتُ منْ كِسرى ومنْ إحْسانه
ما ليْس يوصَفُ أو يُقَدَّرُ أوْ يَفي أوْصافَهُ أحدٌ بوَصْفِ لسانه
ملكٌ حوى رتبَ المعالي كلّها بسموِّ مجدٍ حلَّ في إيوانه
مولى به شرفَ الزَّمانُ وأهلهُ والدَّهْرُ نالَ الفَخْرَ من تيجانه
وإذا سطا خافَ الأنامُ جميعهم منْ بأْسهِ واللّيثُ عنْد عِيانِه
المظهرُ الإنصاف في أيَّامهِ بخصالهِ والعدلَ في بلدانهِ
أمسيتُ في ربعٍ خصيبٍ عندهُ متنَزِّهاً فيه وفي بسْتانهِ
ونظَرْتُ برْكَته تَفيضُ وماؤها يَحْكي مواهِبَه وجودَ بنانه
في مَربَعٍ جمَعَ الرَّبيعَ بربْعهِ من كلِّ فنِّ لاحَ في أفنانه
وطُيورُهُ منْ كلِّ نوْعٍ أَنْشَدَتْ جهراً بانَّ الدَّهرَ طوعُ عنانه
ملكٌ إذا ما جالَ في يوم اللّقا وَقَفَ العدُّو مُحيَّراً في شانه
والنَّصْرُ من جُلَسائِهِ دونَ الورى والسَّعد والإقبالُ من أعوَانه
فلأشكرنَّ صنيعه بينَ الملا وأُطاعِنُ الفُرْسانَ في مَيْدانِهِ
إذا خصمي تقاضاني بدينٍ قَضيْتُ الدَّينَ بالرُّمح الرُّديني
وحدُّ السَّيفِ يُرضينا جميعاً ويحكمُ بينكم عدلاً وبيني
جَهلْتُم يا بني الأَنذَالِ قدري وقد عرفته أهلُ الخافقين
وما هدمتْ يدُ الحِدْثانِ ركْني ولا امتَدَّتْ إليَّ بَنانُ حَيْني
علَوْتُ بصارمي وسِنانِ رُمحي على أُفْق السُهى والفَرْقَدَين
وغادرت المبارزَ وسطَ قفرٍ يُعَفِّرُ خدَّهُ والعارِضَيْنِ
وكم منْ فارسٍ أَضْحى بسْيفي هشيمَ الرَّأس مخضوب اليدين
يجومُ عليهِ عقبانُ المنايا وتحجلُ حولهُ غربانُ بينٍ
وآخرُ هاربٌ من هول شخصي وقد أجرى دموع المقلتين
وسوْفَ أُبيدُ جمْعَكُمُ بِصَبْري ويطفا لاعجي وتقرُّ عينى
يا طائر البان قد هيَّجتَ أشجاني وزِدْتَني طرَباً يا طائرَ البانِ
إن كنتَ تندب إلفاً قد فجعتَ بهِ فقد شجاكَ الذي بِالبينِ أشجاني
زدني من النَّوح واسعدني على حزني حتى تَرى عجباً من فَيْضِ أجفاني
وقِفْ لتَنْظُرَ ما بي لا تَكنْ عَجِلاً واحذَرْ لِنَفْسِكَ من أَنْفاسِ نيراني
وطرْ لعلك في ارض الحجازِ ترى رَكْباً على عَالِجٍ أوْ دون نَعْمان
يسري بجارية ٍ تنهلُّ أدمعها شوقاً إلى وطن ناءٍ وجيران
ناشدتُكَ الله يا طيرَ الحمامِ إذا رأيتَ يوْماً حُمُولَ القوْمِ فانعاني
وقلْ طريحاً تركناهُ وقد فنيت دُموعُهُ وهوَ يبكي بالدَّم القاني
لمَنْ طَللٌ بالرْقَمتين شجاني وعاثت به أيدي البلى فحكاني
وقفتُ به والشَّوقُ يكتبُ أسطراً بأَقْلاَم دَمعي في رُسوم جَناني
أُسائلُه عنْ عبلة ٍ فأَجابني غرابٌ به ما بي من الهيمان
ينوحُ على إلفٍ لهُ واذا شكا شكا بنَحيبٍ لا بنطْق لِسان
وينْدبُ منْ فرْطِ الجوى فأجبتُه بحسرة ِ قلبٍ دائم الخفقان
ألا يا غرابَ البين لو كنت صاحبي قطَعنا بلاَدَ الله بالدَّوران
عسى أن نرى من نحو عبلة مخبراً بأيَّة ِ أرضٍ أو بأيِّ مكان
وقد هتفتْ في جنح ليل حمامة ٌ مغردة ٌ تشكو صروف زمان
فقلتُ لها لو كُنْتِ مثْلي حزينة ً بكيتِ بدمعٍ زائدِ الهملان
وما كنْتِ دي دوْحٍ تَميسُ غصونهُ ولا خَضّبتْ رجلاكِ أحمَر قاني
أيا عبلَ لو أنَّ الخيال يزورُني على كلِّ شهرٍ مرّة ً لكَفاني
لئن غبتِ عن عيني ياا بنة مالكٍ فشخْصُكِ عنْدِي ظاهرٌ لعياني
غداً تصبحُ الأَعداءُ بين بُيوتِكُم تعَضُّ من الأَحزان كلَّ بنانِ
فلاَ تحْسَبُوا أن الجيوشَ تَرُدُّني إذا جُلْتُ في أكْنافِكُمْ بحصاني
دعوا الموت يأتيني على أيِّ صورة ٍ أتى لأُريه موْقفي وطِعاني
يا دارُ أينَ ترَّحلَ السُّكانُ وغدتْ بهم من بعدنا الأظعانُ
بالأمسِ كان بكِ الظباءُ أوانساً واليومَ في عرصاتكِ الغربان
يا رداَ عبلة َ أين خيَّمَ قومها لمَّا سَرَتْ بهمُ المَطيُّ وبانُوا
ناحت خميلاتُ الأراك وقد بكى من وحشة ٍ نزلت عليه البان
يا دارُ أرواحُ المنازلِ أهلها فإذا نأَوْا تَبكيهم الأبدانُ
يا صاحبي سَلْ ربْعَ عبْلَة َ واجتهدْ إنْ كانَ للرّبعِ المحيل لسان
يا عَبْلُ ما دَامَ الوصالُ ليالياً حتى دهانا بعدهُ الهجران
ليت المنازلَ أخبرت مستخبراً أين استقرَّ بأهلها الأوطان
يا طائراً قد باتَ يندبُ إلفهُ وينُوحُ وهْوَ مُولّهٌ حَيرانُ
لو كنتَ مثلي ما لبثتَ ملوَّناً حَسناً ولا مالتْ بكَ الأَغصان
أين الخَليُّ القلْبِ ممَّنْ قلْبُهُ من حرِّ نيرانِ الجوى ملآن
عِرْني جَناحَكَ واسْتعِرْ دمْعي الذي أفنى ولا يفنى له جريان
حتى أَطيرَ مُسائلاً عنْ عبْلة ٍ إنْ كان يُمكنُ مثليَ الطَّيرانُ
سلي يا عبلة َ الجبلينِ عنَّا وما لاقتْ بنو الأعجام منَّا
أَبَدْنَا جَمْعَهُمْ لما أَتوْنا تموجُ مواكبٌ إنساً وجنا
وراموا أك
شَعْثِ المَفارِقِ مُنهجٍ سِرْبالُهُ لم يدَّهنْ حولاً ولم يترجل
لايكتسى الاَّ الحديدَ إذا اكتسى وكذلكَ كلُّ مغاور مستبسل
قد طالَ ما لبِسَ الحديدَ فإنَّما صدأ الحديدِ بجلدهِ لم يغسل
فتضاحَكتْ عَجباً وقالَتْ: يا فتى لا خير فيكَ كأنها لم تحفل
فعجبتُ منها حين زَلّتْ عينُها عن ماجد طَلْقِ اليدَين شَمَرْدَلِ
لا تَصْرميني يا عُبيلُ وَرَاجعي فيَّ البصيرة َ نظرة َ المتأمل
فلربَّ أملحَ منكِ دلاَّ فاعلمي وأَقَرَّ في الدّنيا لعينِ المُجْتلي
وَصَلَتْ حبالي بالذي أنا أهلُهُ من ودها وأنا رخيُّ المطول
يا عَبلُ كم من غمرة ٍ زُهاءَها بالنَّفْسِ مَا كَادتْ لَعمرك تَنْجَلي
فِيها لَوامعُ لَوْ شهدت زْهاءَها لسلوتِ بعد تخضبٍ وتكحل
إما تَرَيْني قد نَحَلْتُ وَمَنْ يكنْ غَرَضاً لأَطْرافِ الأَسِنَّة ِ يَنْحَلِ
فلربَّ أبلجَ مثل بعلكِ بادنٍ ضَخْمٍ على ظهر الجواد مُهيّل
غادرتهُ متعفراً أوصاله والقومُ بين مجَرحٍ ومجدل
فيهم أخو ثقة ٍ يضاربُ نازلا بالمشْرفيّ وفارسٌ لم يَنزِلِ
ورماحنا تكفُ النجيعَ صدورها وسيوفنا تخلي الرقابَ فتختلي
والهامُ تنذرُ بالصعيد كأنما تُلْقي السُّيوفُ بها رُؤوس الحنظل
ولقد لَقيتُ الموْتَ يوْمَ لَقيتُه متَسرْبلاً والسَّيفُ لم يَتسرْبل
فرأيتنا ما بيننا من حاجزٍ إلاّ المجنُّ ونصلُ أبيض مقصل
ذكرً أشقُّ به الجماجم في الوغى وأقولُ لا تقطعْ يمينُ الصيقل
ولرُبَّ مشعِلة ٍ وَزَعتُ رعالَها بمقلصٍ نهدٍ المراكل هيكل
سلس المعذر لا حقٍ أقرابه مُتقلّبٍ عَبَثاً بفأْس المِسْحَلِ
نَهْدِ القَطاة ِ كأَنها منْ صَخْرَة ٍ مَلْساءَ يَغْشاها المسيلُ بمَحفَلِ
وكأَنَّ هادِيَهُ إذا اسْتَقْبَلْتَهُ جذعٌ أذلَّ وكان غيرَ مذلل
وكأنَّ مخرج روحهِ في وجههِ سَرَبَانِ كانا مَوْلَجينِ لجيأَل
وكأنَّ متنيهِ إذا جردتهُ ونزعتَ عنهُ الجلَّ متنا أيلِ
ولهُ حوافرُ مُوثَقٌ ترْكيبُها صمُّ النسور كأنها من جندل
ولهُ عَسِيبٌ ذُو سَبيبٍ سابغٍ مثل الرداء على الغنيَّ المفضل
سلسُ العنانِ إلى القتالِ فعينهُ قبلاءُ شاخصة ٌ كعين الأحول
وكأنَّ مشيتهُ إذا نهنهتهُ بالنّكْلِ مِشْية ُ شارِبٍ مُسْتَعجلِ
فعليهِ أَقْتَحِمُ الهِياجَ تقَحُّماً فيها وأنقضُّ انقضاضَ الأجدلِ
تمشي النَّعامُ به خَلاَءً حوْلَهُ مشي النصارى حول بيتِ الهيكل
احذرْ محلَّ السوءِ لا تحللْ به واذا نبا بكَ منزلٌ فتحول
تكْفي خَصاصة َ بيْتِنا أرْماحُنا شالتْ نعامة ُ أينا لم يفعل
دُموعٌ في الخدودِ لها مَسيلُ وعينٌ نَوْمُها أبداً قليلُ
وصبٌّ لا يقرُّ له قرارٌ ولا يسْلو ولو طالَ الرَّحيلُ
فَكم أبكي بإبْعادٍ وَبينٍ وتشجيني المنازلُ والطلول
وكم أبكي على إلْفٍ شجَاني وما يُغني البكاء ولا العويل
تلاَقَيْنا فما أطْفى التَّلاقي لهيباً، لا ولا بَرَدَ الغَليلُ
طَلبتُ من الزمانِ صفاءَ عَيْشٍ وَحَسْبُكَ قدْرُ ما يُعْطي البَخيلُ
وها أنا ميتٌ إن لم يعُني عَلَى أمير الهوى الصَّبْرُ الجَميل
نَفّسُوا كَرْبي وَداوُوا عِلَلي وابرِزوا لي كلَّ لَيثٍ بطل
وانْهلُوا منْ حَدِّ سَيْفي جُرعاً مُرَّة ً مثْلَ نَقيعِ الحنْظل
وإذا الموتُ بدا في جحفلٍ فدعوني للقاءِ الجحفل
يا بني الأعجامِ ما بالكم عن قِتَالي كلُّكُمْ في شُغُلِ
أينَ منْ كانًَ لقتلي طالباَ رَامَ يَسْقَيني شَرَابَ الأَجل
أبْرِزُوهُ وانْظرُوا ما يلْتقي مِن سِناني تحتَ ظِلِّ القسْطل
قَسَماً يا عبَلَ يا أختَ المهَا بثَنَايَاكِ العِذابِ القُبَلِ
وبعينيكَ وما قد ضمنتْ مِنْ دَواهي سِحْرِها والكُحَلِ
إنني لولاَ خَيالٌ طارقٌ منكِ ما ذقتُ هجوعَ المقل
أَتُرى تُنْبيكِ أروَاحُ الصَّبا باشْتياقي نحْو ذاكَ المنْزل
فَسَقى الله لياليكِ التي سَلفتْ صَوْبَ السّحابِ الهَطِلِ
اذا ريح الصَّبا هبتْ أصيلاَ شَفَتْ بهبوبها قلْباً عليلا
وجاءَتني تخبر أنَّ قومي بمن أهْوَاهُ قد جَدُّوا الرَّحيلا
وما حَنُّوا على منْ خَلَّفوهُ بوَادي الرَّمل مُنْطَرحاً جديلا
يَحنُّ صبابة ً ويَهيمُ وجداً إليهمْ كُلَّما ساقُوا الحُمولا
ألا يا عبلَ إنْ خانوا عهودي وكان أبوكِ لا يرعى الجميلا
حَملْتُ الضَّيْمَ والهّجرَانَ جُهْدِي على رَغمي وخالَفْتُ العَذُولا
عَرَكْتُ نَوائبَ الأَيامِ حتى رأَيتُ كَثيرَها عِنْدي قليلا
وعاداني غرابُ البين حتى كأَنّي قد قَتَلْتُ له قَتيلا
وقد غنّى على الأَغصانِ طيْرٌ بصوْتِ حَنِينه يَشْفي الغليلاَ
بكى فأعرتهُ أجفانَ عيني وناحَ فزادَ إعْوالي عَويلاَ
فقُلْتُ له: جَرحْتَ صَميم قَلْبي وأبدى نوحك الداءَ الدَّخيلا
وما أبقيتَ في جفني دموعاً ولاَ جسماً أعيشُ به نحيلاَ
ولاَ أبقى ليَ الهجرانُ صبراً لكيْ ألقى َ المنازلَ والطلولا
أَلِفْتُ السُّقْمَ حتى صارَ جِسْمي إذا فقدَ الضنى أمسى عليلا
ولو أنيّ كشفتُ الدرع عني رأيتَ وراءَهُ رسْماً مُحيلا
وفي الرسمِ المحيلِ حسامُ نفسً يُفلّلُ حَدُّهُ السَّيْفَ الصَّقيلا
لِمَنْ طَللٌ بوَادِي الرَّمْلِ بالي مَحتْ آثارَهُ ريحُ الشمالِ
وقفتُ به ودمعي من جفوني يَفيضُ على مَغانيهِ الخَوالي
أُسائِلُ عَنْ فَتاة ِ بني قُرادٍ وعنْ أترابها ذاتِ الجمال
وكيفَ يجيبنى رسمُ محيلُ بعيدُ لا يعنُّ على سؤالِ
اذا صاح الغرابُ به شجاني وأجرى أدْمُعي مِثلَ اللآلي
وأخبرني بأَصْنافِ الرَّزايا وبالهجرانِ منْ بعد الوصال
غُرابَ البيْنِ ما لكَ كلَّ يوْمٍ تُعاندُني وقد أشغلْتَ بالي
كأَنِّي قد ذَبحتُ بحدِّ سيْفي فراخَكَ أوْ قَنَصْتُكَ بالحبال
بحقِّ أبيكَ داوي جُرْحَ قلْبي ورَوِّحْ نارَ سِرِّي بالمقال
وخبّرْ عنْ عُبيْلة َ أَيْنَ حلّت وما فعلتْ بها أيدِي اللَّيالي
فقلبي هائمٌ في كلَّ أرض يقبلُ إثر أخفافِ الجمال
وجسمي في جبال الرمل ملقى خيالٌ يرتجي طيف الخيال
وفي الوادي على الأَغظان طيْرٌ ينوحُ ونوحهُ في الجوَّ عال
فقلْتُ له وقد أبدى نحيبا: دعِ الشَّكْوى فحالُكَ غيرُ حالي
أنا دمعي يفيض وأنت باكٍ بلاَ دَمْعٍ فذَاكَ بُكاءُ سالِ
لَحى الله الفِراقَ ولاَ رَعاهُ فَكَمْ قدْ شَكَّ قلبي بالنّبال
أقاتلُ كلَّ جبارٍ عنيدٍ ويقتلني الفراقُ بلا قتال
عذابُكِ يا ابْنة َ السَّاداتِ سَهْلُ وجور أبيك انصافٌ وعدل
فَجوروا واطلُبوا قَتلي وظُلمي وتعذيبي فإني لاّ أمل
ولاَ أَلو وَلا أشفي الأَعادي فساداتي لهمْ فَخْرٌ وفضلُ
أناسٌ أنزلونا في مكانٍ من العلْياءِ فوقَ النَّجم يعلو
إذا جارُوا عَدَلنا في هَواهُمْ وانْ عزُّوا لعزتهم نذلُّ
وكيف يكونُ لي عزمٌ وجسمي تَرَاهُ قد بَقِيَ منْهُ الأَقلُّ
فيا طيرَ الأراكِ بحق ربّ براكَ عساكَ تعلمُ أينَ حلوا
وتطلقُ عاشقاً من أسرِ قومٍ لهُ في حبهم أسرٌ وغل
يُنادُوني وَخيلُ الموْت تجري: محلُّك لا يُعادلهُ محلُّ
وقد أمسوا يعيبوني بأمي وَلوني كلما عَقدوا وحَلُّوا
لقد هانَتْ صروفُ الدَّهر عندِي وهانوا أهله عندي وقلوا
ولي في كلّ معرَكَة ٍ حديثٌ إذا سمعت به الأبطالُ ذلوا
غللتُ رقابهمْ وأسرتُ منهمْ وهمْ في عظم جمعهم استقلُّوا
وأحصنت النساءَ بحدَّ سيفي وأعدائي لِعَظْمِ الخوفِ فُلُّوا
أثيرُ عجاجها والخيلُ تجري ثقالا بالفوارس لاتملُّ
وأرجعُ وهى قد ولت خفافاً محيَّرة ً من الشَّكوى تكلُّ
وأرضى بالإهانة ِ معَ أناسٍ أراعيهمْ ولو قتلي أحلُّوا
وأصبرُ للحَبيبِ وإنْ جَفاني وَلم أترُكْ هَواهُ وَلستُ أسلو
عسى الأيام تنعم بقريبٍ وبَعْدَ الهَجْرِ مُرُّ العيشِ يَحلُو
عفتِ الديارَ وباقي الأطلال ريحُ الصَّبا وتقلُّبُ الأَحْوَالِ
وعفا مَغانِيَها فأَخْلقَ رسْمِها تردادُ وكفِ العارضِ الهطال
فلئنْ صَرمْتِ الحبلَ يا ابنة َ مالكٍ وسمعتِ فيَّ مقالة العذال
فَسلي لِكيْما تُخبَري بفعائلي عندَ الوغى ومواقفِ الأهوال
والخيلُ تعثرُ بالقنا في جاحِمٍ تهفو به ويجلنَ كلَّ مجال
وأنا المجربُ في المواقف كلها منْ آلِ عبسٍ منصبي وفعالي
منهمْ أبي شدادُ أكرمُ والدٍ والأُمُّ منْ حامٍ فهمْ أخْوالي
وأنا المنية ُ حينَ تشتجرُ القنا والطعنُ مني سابقُ الآجال
ولربَّ قرنٍ قد تركتُ مجدلاً ولبانُهُ كَنَواضِح الجريال
تنتابهُ طلسُ السباع مغادراً في قفرة ٍ متمزقَ الأوصال
وَلرُبَّ خَيْلٍ قد وَزَعْتُ رَعيلها بأَقبَّ لا ضغنٍ ولاَ مِجْفال
ومُسرْبلٍ حلقَ الحديدِ مُدَجَّجٍ كاللَّيْثِ بين عرينَة ِ الأَشْبال
غادرتهُ للجنب غيرَ موسدٍ مُتثنّيَ الأَوْصالِ عند مجال
ولربّ شربٍ قد صبحتُ مدامة ً ليْسوا بأَنكاس ولا أَوغال
وكواعبٍ مثل الدمى أصبيتها ينْظُرْنَ في خَفر وحُسنِ دلاَلِ
فَسلي لِكيْما تُخبَري بفعائلي وسلي الملوك وطيءِ الأجيال
وسلي عشائر ضبة ٍ إذ أسلمتْ بكْرٌ حلائِلَها ورَهْطَ عِقَالِ
وبني صباحٍ قدْ تركْنا منْهمُ جزراً بذاتِ الرمثِ فوق أثال
زَيداً وسوداً والمُقطِّعَ أقْصدتْ أرْماحُنا ومُجاشعَ بْن هِلالَ
رعناهم بالخيل تردي بالقنا وبكُلِّ أبيضَ صارِمٍ فَصَّال
مَنْ مِثْلُ قوْمي حين يختلفُ القَنا وإذا تزلُّ قوائمُ الأبطال
والطَّعْنُ مني سابقُ الآجال صَدْقِ اللِّقاءِ مُجرَّبِ الأَهوال
عِنْدَ الوَغى وَمواقِفِ الأَهوال نفْسي وراحِلتي وسائرُ مالي
قَوْمي صَمَامِ لمن أرادُوا ضيْمَهُمْ والقاهرون لكلَّ أغلبَ صال
والمُطْعمُونَ وما عليْهمْ نِعْمة ٌ والأَكرَمون أباً ومحتدَ خال
نحن الحصى عدداً ونحسبُ قومنا ورجالَنا في الحرْبِ غيرَ رجال
منا المعينُ على الندى بفعالهِ والبذلِ في اللزباتِ بالأموال
إنَّا إذا حَمِسَ الوغى نُرْوي القنا ونعفُّ عند تقاسمِ الأنفال
نأْتي الصَّريخَ على جيادٍ ضُمَّرِ خمصِ البطونِ كأنهنَّ سعالي
من كلِّ شَوْهاءِ اليدَين طِمِرَّة ٍ ومقلصٍ عبل الشوى ذيال
لا تأسينَّ على خليطٍ زايلوا بعد الأُلى قُتلوا بذِي أغْيال
كانوا يشبونَ الحروبَ إذا خبتْ قدماً بكلَّ مهندٍ فصال
وأنا المُجَرَّبُ في المَواقف كلِّها وسَمِعْتِ فيَّ مقالَة العُذَّال
تَرْدادُ وكفِ العارضِ الهطَّال طَعْناً بكلّ مثقَّفٍ عَسَّال
يُعْطي المِئينَ إلى المِئينَ مرزّأً ناجٍ منَ الغمراتِ كالرئبال
يعطى المئين إلى المئين مرزءَا حَمّالِ مَفْظَعَة ٍ مِنَ الأَثْقال
وإذا الأُمورُ تحوّلتْ ألفَيْتَهُم عصمَ الهوالك ساعة َ الزلزال
وهمُ الحماة ُ إذا النّساءُ تحسّرتْ يوْمَ الحفاظِ وكانَ يوْمُ نَزَال
يقصون ذا الأنفِ الحمى َّ وفيهم حلمٌ وليسَ حرامهمْ بحلال
المُطْعِمُونَ إذا السّنُونُ تَتَابَعتْ محلاً وضنّ سحابها بسجال
لا تَقْتضِ الدَّيْنَ إلاّ بالقَنا الذُّبُلِ ولاتحكمْ سوى الأسياف في القلل
ولاَ تُجاورْ لئاماً ذَلَّ جارُهُمُ وخلِّهمْ في عِرَاصِ الدَّارِ وارْتَحلِ
وَلاَ تَفِرَّ إذا ما خُضْتَ معركة ً فما يَزيدُ فِرارُ المرْءِ في الأَجل
يا عبلَ أنتِ سَوادُ القلْبِ فاحْتكِمي في مُهْجَتي واعدِلي يا غايَة َ الأَملِ
وإن ترحلتِ منْ عبس فلاّ تقفي في دارِ ذُلٍّ ولا تُصْغي إلى العَذَلِ
لأَنَّ أرْضهُمُ منْ بعدِ رِحْلتِنا تبقى بلاَ فارس يُدْعَى ولا بَطَلِ
سلي فزَارَة َ عنْ فِعْلي وقد نفَرتْ في جحفل حافل كالعارض الهطل
تَهُزُّ سُمْرَ القَنَا حِقْداً عَليَّ وقد رأَتْ لَهيبَ حُسامي ساطعَ الشُّعَلِ
يخبرْكِ بدرُ بنُ عمْروٍ أَنني بَطلٌ ألقى الجيوش بقلبٍ قدَّ منْ جبل
قاتلتُ فرسانَهم حتى مضَوْا فرقاً والطعنُ في إثرهمْ أمضى منَ الأجل
وعادَ بي فرَسي يمشي فتعثرهُ جماجمٌ نثرتْ بالبيض والأسل
وقد أسرتُ سَراة َ القومِ مقتدراً وعدت من فرحي كالشَّارب الثَّمل
يا بينُ رَوَّعْتَ قلبي بالفِراق وما أبكي لِفُرْقة ِ أصْحابٍ ولا طَلل
بل منْ فراق التي في جفنها سقمٌ قد زادني عللاً منه على عللي
أُمسي على وَجلٍ خَوْفَ الفِرَاقِ كما تمسي الأَعاديُّ من سيفي على وَجل
منْ لي برد الصَبا واللَّهووالغَزل هيهاتَ ما فاتَ منْ أَيَّامِكَ الأَوَّل
طوى الجَديدانِ ما قد كنْتُ أنْشُرُهُ وأنكرتني ذواتُ الأعينِ النجُل
وما ثنى الدَّهْرُ عزْمي عنْ مُهاجمة ٍ وخَوْضِ مَعْمَعة ٍ في السَّهْل والجبل
في الخيل والخافِقاتِ السُّودِ لي شُغُلٌ ليْس الصَّبابة ُ والصهباء من شُغُلي
لقد ثناني النهى عنها وأدبي فلسْتُ أبكي على رسْمٍ ولا طَلل
سلوا جوادي عني يوْمَ يحْملني هل فاتني بطلٌ أو حلتُ عن بطل
وكم جُيوشٍ لقد فرَّقتُها فِرْقاً وعارضُ الحتفِ مثلُ العارضِ الهطل
وموكبٍ خضتُ أعلاهُ وأسفله بالضَّرْبِ والطَّعنِ بينَ البيضِ والأَسل
ماذا أُريدُ بقوْمٍ يَهْدِرُونَ دمي ألستُ أولاهمُ بالقولِ والعمل
لا يشربُ الخمرإلا منْ له ذممٌ ولا يبيت لهُ جارٌ على وَجل
حكّمْ سيُوفَكَ في رقابِ العُذَّل واذا نزلتْ بدار ذلَّ فارحل
وإذا بُليتَ بظالمٍ كُنْ ظالماً واذا لقيت ذوي الجهالة ِ فاجهل
وإذا الجبانُ نهاكَ يوْمَ كريهة ٍ خوفاً عليكَ من ازدحام الجحفل
فاعْصِ مقالَتهُ ولا تَحْفلْ بها واقْدِمْ إذا حَقَّ اللِّقا في الأَوَّل
واختَرْ لِنَفْسِكَ منْزلاً تعْلو به أَوْ مُتْ كريماً تَحْتَ ظلِّ القَسْطَل
فالموتُ لا يُنْجيكَ منْ آفاتِهِ حصنٌ ولو شيدتهُ بالجندل
موتُ الفتى في عزهِ خيرٌ له منْ أنْ يبيتَ أسير طرفٍ أكحل
إنْ كُنْتُ في عددِ العبيدِ فَهمَّتي فوق الثريا والسماكِ الأعزل
أو أنكرتْ فرسانُ عبس نسبتي فسنان رمحي والحسام يقرُّ لي
وبذابلي ومهندي نلتُ العلاَ لا بالقرابة ِ والعديدِ الأَجزل
ورميتُ مهري في العجاجِ فخاضهُ والنَّارُ تقْدحُ منْ شفار الأَنْصُل
خاضَ العجاجَ محجلاً حتى إذا شهدَ الوقعية َ عاد غير محجل
ولقد نكبت بني حريقة َ نكبة ً لما طعنتُ صميم قلب الأخيل
وقتلْتُ فارسَهُمْ ربيعة َ عَنْوَة ً والهيْذُبانَ وجابرَ بْنَ مُهلهل
وابنى ربيعة َ والحريسَ ومالكا والزّبْرِقانُ غدا طريحَ الجَنْدل
وأَنا ابْنُ سوْداءِ الجبين كأَنَّها ضَبُعٌ تَرعْرَع في رُسومِ المنْزل
الساق منها مثلُ ساق نعامة ٍ والشَّعرُ منها مثْلُ حَبِّ الفُلْفُل
والثغر من تحتِ اللثام كأنه برْقٌ تلأْلأْ في الظّلامَ المُسدَل
يا نازلين على الحِمَى ودِيارِهِ هَلاَّ رأيتُمْ في الدِّيار تَقَلْقُلي
قد طال عزُّكُم وذُلِّي في الهوَى ومن العَجائبِ عزُّكم وتذَلُّلي
لا تسقيني ماءَ الحياة ِ بذلة ٍ بل فاسقني بالعزَّ كاس الحنظل
ماءُ الحياة ِ بذلة ٍ كجهنم وجهنم بالعزَّ أطيبُ منزل
فؤادٌ ليسَ يثنيهِ العذولُ وعيْنٌ نوْمُها أبداً قليلُ
عركْتُ النَّائباتِ فهانَ عندِي قبيحُ فِعَال دَهري والجميلُ
وقدْ أوْعَدْتَنِي يا عمرو يوْماً بقولٍ ما لِصحَّتِهِ دليلُ
ستعلم أينا يبقى طريحاً تخطفهُ الذوابلُ والنصولُ
ومنْ تُسبى حليلَتهُ وتُمسي مفجعة لها دمعٌ يسيل
أتذْكُرُ عبْلة ً وتبيتُ حيّاً ودونَ خِبائِها أسدٌ مَهُول
وتطلبُ أنْ تلاقيني وسيفي يُدَكُّ لوقْعه الجبلُ الثَّقيلُ
حاربيني يا نائباتِ اللَّيالي عنْ يميني وتارة ً عن شمالي
واجْهَدي في عَداوَتي وعِنادي أنتِ والله لم تُلِمِّي ببالي
إنَّ لي همة ً أشدُّ من الصخـ ـر وأقْوى منْ راسياتِ الجبال
وسِناناَ إذا تعسفتُ في الليْـ لِ هداني وردَّني عن ضلالي
وجواداً ما سارَ إلاَّ سرَى البَرْ قُ وَرَاهُ من اقْتداحِ النّعال
أدهمٌ يصدعُ الدجى بسوادٍ بين عينيه غرة ٌ كالهلال
يفتديني بنفسه وأفدّيـ ـهِ بنَفْسي يوْم القِتال ومَالي
وإذا قامَ سوقُ حربِ العوالي وتلَّظى بالمرْهفاتِ الصقّال
كنت دَلاَّلها وكان سناني تاجراً يشتري النفوس الغوالي
يا سِباعَ الفَلاَ إذا اشْتعل الحر بُ اتبعيني من القفار الخوالي
إتبعيني ترى دماءَ الأعادي سائلاَتٍ بين الرُّبى والرِّمال
ثم عودي منْ بعد ذا واشكريني واذكري ما رأيْتِهِ منْ فعالي
وخُذي منْ جَماجمِ القوْمِ قوتاً لبنيكِ الصّغار والأشبال
سلي يا عبل عمراً عن فعالي بأعداكِ الألى طلبُوا قتالي
سليه كيف كان لهمْ جوابي إذا ما قال ظنكِ في مقالي
أتونا في الظلاَم على جيادٍ مضمّرة الخواصر كالسّعالي
وفيهم كلُّ جبار عنيد شديدِ البأْسِ مَفْتُولِ السِّبال
ولما أوقدوا نارَ المنايا بأَطْرافِ المثقَّفَة ِ العوالي
طفاها أسودٌ منْ آل عبس بأَبْيضَ صارمٍ حَسَنِ الصِقّال
إذا ما سلَّ سال دماً نجيعاً ويخرُقُ حدُّهُ صُمَّ الجبال
وأسمَرَ كلّما رَفَعَتْهُ كَفِّي يلوحُ سِنَانُهُ مثْلَ الهلال
تراهُ إذا تلوَّى في يميني تسابقهُ المنية في شمالي
ضمنتُ لكَ الضمانَ ضمانَ صدقٍ وأتبعتُ المقالة بالفعال
وفرَّقتُ الكتائبَ عند ضربٍ تخِرُّ لهُ صناديدُ الرِّجال
وما ولَى شجاع الحربِ إلاَ وبين يديه شخصٌ من مثالي
ملأْتُ الأَرضَ خوْفاً من حُسامي فباتَ النَّاسُ في قيلٍ وقال
ولو أَخْلَفْتُ وَعدي فيك قالتْ بنو الأنذال إنيّ عنك سال
لو كان قلبي معى ما اخترتُ غيركم ولا رضيتُ سِوَاكُمْ في الهَوى بدَلا
لكنهُ راغبٌ في منْ يعذّبه فليسَ يقبل لا لوماً ولا عذلا
دع ما مَضى لكَ في الزَّمان الأَوَّل وعلى الحقيقة إنْ عزمت فعوِّل
إنْ كنتَ أنتَ قطعتَ برَّا مقفراً وسلكْتهُ تحتَ الدُّجى في جَحْفل
فأَنا سريتُ معَ الثُّريَّا مُفرداً لا مؤنسٌ لي غيرَ جدّ المنصل
والبدرُ منْ فوق السحاب يسوقه فيسير سيرَ الراكب المستعجل
والنَّسْرُ نحْو الغَربِ يرْمي نفسَه فيكاد يعْثر بالسِّماكِ الأَعزل
والغُولُ بينَ يديَّ يخفى تارة ويعودَ يَظْهَرُ مثْلَ ضَوْءِ المَشْعَلِ
بنواظر رزقٍ ووجهٍ أسودٍ وأظافر يشبهنَ حدَّ المنجل
والجن تفرقُ حول غاباتِ الفلاَ بهماهمٍ ودمادمٍ لمَ تغْفَلِ
وإذا رأْتْ سيفي تضِجُّ مخافة ً كضَجيجِ نُوقِ الحيِّ حَوْلَ المنزل
تلكَ الليالى لو يمرُّ حديثها بوليدِ قومٍ شاب قبلَ المحمل
فاكففْ ودعْ عنكَ الإطالة َ واقتصرْ وإذا اسْتَطعْتَ اليَوْمَ شيئاً فافْعل
عقابُ الهجرِ أعقبَ لي الوصالاَ وصِدْقُ الصَّبْرِ أظْهَرَ لي المحالا
ولولا حبُّ عبلة َ في فؤادي مقيمٌ ما رعيتُ لهم جمالا
عتبتُ الدَّهر كيفَ يذلُّ مثلي ولي عزمٌ أقدُّ به الجبالا
أَنا الرجلُ الذي خُبِّرْتِ عنه وقد عاينْتَ مَعْ خبري الفِعالا
غداة َ أتتْ بنو طيِّ وكلبٍ تهزُّ بكَفّها السُّمرَ الطّوالا
بجيشٍ كلما لاحظت فيه حسبتُ الأرضَ قد ملئتْ رجالا
ودَاسوا أَرْضَنا بمُضَمَّراتٍ فكان صَهيلُها قِيلاً وقالا
تولوا جفَّلاَ منَّا حيارى وفاتوا الظغن منهم والرِّحالا
وما حملتْ ذَوُو الأَنسابِ ضَيْماً ولا سمعتْ لداعيها مقالا
وما رَدَّ الأَعِنَّة َ غيرُ عبْدٍ ونارُ الحربِ تشتعلُ اشتعالاً
بطعن ترعدُ الأبطالُ منهُ لشدته فتجنبُ القتالا
صدمتُ الجَيْشَ حتى كَلَّ مُهري وعدتُ فما وجدتُ لهم ظلالاَ
وراحتْ خيلهمْ من وجه سيفي خِفافاً بعْد ما كانتْ ثقالا
تدوسُ على الفوارس وهْيَ تعدو وقد أخذَتْ جماجمَهُمْ نعالا
وكمَ بطل تركتُ بها طريحاً يحركُ بعد يمناهُ الشّمالا
وخلصتُ العذارى والغواني وما أبقيتُ معْ أحدٍ عقالا
يا صاحبي لا تَبْكِ رَبعاً قد خلا ودَعِ المنازِلَ تشْتكي طولَ البِلى
وَاشْكو إلى حَدّ الحُسامِ فإنه أمْضَى إذا حقّ اللّقاءُ وأفْضلاَ
منْ أين تدري الدَّارُ انكَ عاشقٌ أوْ عنْدها خبرٌ بأَنكَ مُبْتلى
والله ما يمْضي رسُولاً صادقاً إلاّ السّنانُ إذا الخليلُ تبدَّلا
ولقد عَرَكْتُ الدَّهرَ حتى إنهُ لو لمْ يذقْ مني المرارة َ ماحلا
وكذا سباعُ البرِّ لولا شرُّها دارتْ بها في الغابِ غربانُ الفلاَ
فَتَحَمَّلا يا صاحبيَّ رسالتي إنْ كُنُتُما عنْ أرضِ عبْسٍ تَعْدِلا
قولا لقيسٍ والرَّبيعِ بأنني خطُّ المشيبِ على شبابي ما علا
بل لو صدمتُ بهمَّتي جبلي حرى قسماً وحقِّ أبي قبيسَ تزلزلا
لو لم تكُنْ يا قيسُ غرَّك جاهلٌ ما سُقتَ نحو دِيار عنْترَ جَحْفلا
والله لو شاهدْتَهُ ورأيْتهُ ما كان آخرُهُ يلاقي الأَوَّلا
يا قيسُ أنت تَعُدُّ نفسكَ سيداً وأبوك أعرفهُ أجلَّ وأفضلا
فأتبعْ مكارمهُ ولا تذري به إنْ كنت مَّمنْ عقلهُ قد أكملا
فاحذَرْ فزارَة قبل تَطْلُبُ ثأرَها وتريكَ يوماً نارهُ لا تصطلا
فَدِما بني بدْرٍ عليكَ قديمة ٌ وبنو فزارة َ قصْدُها أنْ تغفلا
والله ما خلَّيتُ في أوطانهم إلا النوائحَ صارخاتٍ في الفلا
هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّم أم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ
ما راعني إلاّ حمولة ُ أهلها طَبٌّ بأَخْذِ الفارسِ المُسْتلئِم
إذ تستبيكَ بذي غروب واضح عذبٍ مقبلهُ لذيذُ المطعم
وكأنما نظرتْ بعينيْ شادنِ رشأٍ من الغزلانِ ليس بتوأم
وكأَنَّ فَارَة َ تاجرٍ بقسيمَة ٍ سبقتْ عوارضها اليكَ من الفمْ
أوْ روْضَة ً أُنُفاً تضمَّنَ نبتَها غيْثٌ قليلُ الدِّمن ليسَ بمَعْلَمِ
جادت عليها كل عين ثَرَّةً فتركنَ كلَّ حديقة ٍ كالدرهم
سَحّاً وتسْكاباً فَكلَّ عشيَّة ٍ يجري عليها الماءُ لم يتصرَّم
هزجاً يحك ذراعه بذراعه غرداً كفعل الشارب المترنم
تمسي وتصبحُ فوق ظهر حشية ٍ وأبيتُ فوق سرَاة ِ أدْهم مُلْجَم
وحشيتي سرجٌ على عبل الشَّوى نَهْدٍ مَراكِلُهُ نَبيلِ المحزِمِ
هل تبلغنى دارها شدنية لُعِنتْ بمَحْرُوم الشَّرابِ مُصرَّم
فكأنما أقصُ الإكام عشية ً بقريبِ بينِ المنْسِمين مُصلَّم
تأوي له قلصُ النَّعام كما أوتْ حزقٌ يمانية ٌ لأعجمَ طمطمِ
يتبعنَ قلة رأسهِ وكأنهُ حِدْجٌ على نعْش لهُنَّ مخيَّمِ
شَربتْ بماءِ الدُّحرُضينِ فأَصْبحتْ زوراءَ تنفرُ عن حياض الدَّيلم
هِرٍّ جَنيبٍ كلّما عطفتْ لهُ غضبى اتقاها باليدين وبالفم
أبقى لها طولُ السّفار مقرمداً سنداً ومثلَ دعائمِ المتخيم
بركتْ على ماءِ الرداع كأنما بركت على قصبٍ أجشَّ مهضَّم
ينْباعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَة ٍ زيافة ٍ مثل الفَنيق المُكْدَمِ
إنْ تغدفي دوني القناع فانني طبٌّ بأخذ الفارس المستلئم
أثني عليَّ بما علِمْتِ فإنني سمحٌ مخالطتي إذا لم أظلم
وإذا ظُلمْتُ فإنَّ ظُلميَ باسلٌ مرٌّ مذَاقَتهُ كَطعم العَلْقم
ينْباعُ منْ ذِفْرَى غَضوبٍ جَسرَة ٍ زيافة ٍ مثل الفَنيق المُكْدَمِ
أثني عليَّ بما علِمْتِ فإنني سمحٌ مخالطتي إذا لم أظلم
وإذا ظُلمْتُ فإنَّ ظُلميَ باسلٌ مرٌّ مذَاقَتهُ كَطعم العَلْقم
ولقد شربتُ من المدامة بعد ما رَكَدَ الهواجرُ بالمشوفِ المُعْلمِ
بزُجاجة ٍ صفْراءَ ذاتِ أسرَّة ٍ قرنتْ بأزهر في الشمالِ مفدَّم
فإذا شربتُ فإنني مُسْتَهْلِكٌ مالي وعرضي وافرٌ لم يُكلم
وإذا صَحَوْتُ فما أَقصِّرُ عنْ ندى ً وكما عَلمتِ شمائلي وَتَكَرُّمي
وحليل غانية ٍ تركتُ مجدلاً تَمكو فريصتُهُ كشدْقِ الأَعْلَمِ
سبقتْ يدايَ له بعاجل طعنة ٍ ورشاشِ نافذَة ٍ كلوْن العَنْدَمِ
هلاّ سأَلتِ الخيلَ يا ابنة َ مالكٍ ومحلّم يسعون تحت لوائهم
إذ لا أزالُ على رحالة ِ سابح نهْدٍ تعاوَرُهُ الكُماة ُ مُكَلَّمِ
طَوْراً يجَرَّدُ للطعانِ وتارة ً يأوي الى حصدِ القسيِّ عرمرمِ
يُخبرْك من شَهدَ الوقيعَة َ أنني أغشى الوغى وأعفُّ عند المغنم
ولقد ذكرْتُكِ والرِّماحُ نواهلٌ مني وبيْضُ الهِنْدِ تقْطرُ منْ دمي
فوددتُ تقبيل السيوفِ لأنها لمعت كبارق ثغركِ المتبسِّم
ومدَّججٍ كرِهَ الكُماة ُ نِزَالَهُ لا مُمْعنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسلم
جادتْ له كفي بعاجل طعنة ٍ بمثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَوَّم
بِرَحِيبَة ِ الفَرْعَينِ يهْدي جَرسُها بالليل معتسَّ الذئابِ الضرَّم
فشككتُ بالرمحِ الأصمِّ ثيابهُ والكُفْرُ مخبَثَة ٌ لنفْس المُنْعِمِ
فتركتهُ جزرَ السباع ينشنهُ يقضمنَ حسنَ بنانهِ والمعصم
وَمِشَكِّ سابغة ٍ هَتكتُ فروجَها بالسيف عن حامي الحقيقة معلم
زبدٍ يداهُ بالقداح إذا شتا هتَّاك غايات التجار ملوَّم
لما رآني قَدْ نَزَلْتُ أُرِيدُهُ أبدى نواجذهُ لغير تبسُّم
فطعنتهُ بالرُّمح ثم علوتهُ بمهندٍ صافيِ الحديد مخذَم
عهدي به مَدَّ النّهار كأَنما خضبَ اللبان ورأسهُ بالعظلم
يَا شَاة َ ما قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لَهُ حرمتْ عليَّ وليتها لم تحرُم
فَبَعَثْتُ جاريتي فقلْتُ لها اذْهبي فَتجسَّسي أخبارَها ليَ واعلمي
قالتْ رأيتُ منْ الأعادي غرَّة ً والشاة ُ مُمكِنة ٌ لمنْ هُو مُرْتَمِ
وكأنما التفتتْ بجيدِ جداية ٍ رَشَاءٍ من الغِزْلانِ حُرٍّ أرثم
ولقد حفظتُ وصاة عمّي بالضحى إذ تقلصُ الشفتانِ عنْ وضح الفم
في حومة ِ الحربِ التى لا تشتكي غَمَرَاتِها الأَبطالُ غيْرَ تَغَمْغُمِ
إذْ يتقُون بي الأسَّنة لم أخمْ عنها ولكني تضايق مُقدَمي
لما رأيتُ القومَ أقبلَ جمعهُم يتذَامرونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مذَمّم
يدعون عنترَ والرِّماحُ كأنها أشطانُ بئرٍ في لبانِ الأدهم
ما زلتُ أرميهمْ بثغرة ِ نحره ولِبانِهِ حتى تَسَرْبلَ بالدّم
فازورّ من وقع القنا بلبانهِ وشكا إليّ بعَبْرة ٍ وَتَحَمْحُمِ
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها قيلُ الفوارس ويكَ عنتر أقدم
والخيلُ تقْتَحِمُ الخَبَارَ عوابساً ما بين شيْظمة ِ وآخر شيْظم
ذللٌ ركابي حيثُ شئتُ مشايعي لُبِّي وأجْفزُهُ بِأَمْرٍ مُبْرَمِ
إنّي عَدَاني أنْ أزوَركِ فاعْلمي ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
إنّي عَدَاني أنْ أزوَركِ فاعْلمي ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إنّي عَدَاني أنْ أزوَركِ فاعْلمي ما قد علمتِ وبعضُ ما لم تعلمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
حالتْ رماحُ ابني بغيضٍ دونكم وَزَوَتْ جَواني الحربِ مَنْ لم يُجرِمِ
ولقد خشيتُ بأنْ اموتَ ولم تدرْ للحربِ دائرة ٌ على ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمِيْ عِرْضِي ولم أشْتِمْهُما والنَّاذِرَيْنِ إذا لم ألقهما دَمي
إن يفعلاَ فلقد تركتُ أباهما جزرَ السباع وكلِّ نسرٍ قعشم
وفوارسٍ لي قد علمتُهُم صُبُرٍ على التَّكرارِ والكلْمِ
يمشونَ والماذيُّ فوْقهُمُ يتوَقّدُونَ توَقُّدَ الفَحْمِ
كم منْ فتى ً فيهم اخي ثقة ٍ حُرٍّ أَغرَّ كَغُرَّة ِ الرِّئّمِ
ليْسُوا كأَقوامٍ عِلِمْتُهُمْ سودِ الوجوه كمغذنِ البرم
كنا إذا نفر المطيُّ بنا وبدَا لنا أحواضُ ذي الرّضم
نُعْدِي فنَطْعُنُ في أُنُوفِهِمْ نختارُ بين القتلِ والغُنْمِ
إنَّا كذلك يا سُهَيَّ إذا غدرَ الحليفُ نمورُ بالخطم
وبكلّ مُرهَفَة ٍ لها نَفَذٌ بين الضلوع كطرَّة الفدْم
نأَتكَ رقاش إلاّ عنْ لِمامِ وأمسى حبلها خلقَ الرِّمام
وما ذكري رقاش إذا استقرتْ لدَى الطَّرفاءِ عند ابنَيْ شَمامِ
ومَسكِنُ أهلها منْ بَطْنِ جَزْعٍ تبيضُ به مَصاييفُ الحمامِ
وقَفْتُ وصُحْبَتي بأُرَيْنَباتٍ على اقتادِ عوجٍ كالسَّمام
فقلتُ تبيَّنوا ظغناً أراها تحلُّ شُواحِطاً جُنْحَ الظَّلامِ
لقد مَنَّتكَ نفْسُكَ يومَ قَوٍّ أحاديثَ الفؤَادِ المستَهامِ
وقدْ كذبَتْكَ نفْسَكَ فاكْذَبْنَهَا لِما منَّتْكَ تغريراً قَطَامِ
ومُرْقِصة ٍ رَددتُ الخيل عنها وقد همَّتْ بالقاءِ الزمام
فقُلتْ لها: اقْصري منهُ وسيري وقد عَلِقَ الرَّجائزُ بالخِدامِ
وخيْلٍ تحْملُ الأَبطالَ شُعثاً غدَاة َ الرّوعِ أمثالَ السِّهَامِ
عناجيج تخبُّ على رحاها تُثيرُ النَّقْعَ بالمَوْتِ الزُّؤام
إلى خيلٍ مُسوَّمة ٍ عليها حُماة ُ الرّوعِ في رَهجِ القتام
عليها كلُّ جبار عنيدٍ إلى شُرْبِ الدّماء تَراهُ ظامي
بأيديهم مهندة ٌ وسمرٌ كأَنّ ظُباتِها شُعَلُ الضِّرام
فَجاؤوا عارضاً بَرْداً وجئْنا حريقاً في غريفٍ ذِي ضِرام
وأُسكِتِ كلُّ صوْتٍ غيْرِ ضَرْبٍ وعترسة ٍ ومرميِّ ورام
وزعتُ رعيلها بالرمحِ شذراً على ربدٍ كسرحان الظلام
أكر عليهمُ مهري كليما قلائده سبائبُ كالقرام
إذا شكتْ بنافذة ٍ يداهُ تعرَّض موْقِفاً ضَنْكَ المُقام
كأنّ دفوفَ مرجع مرفقيهِ تَوَارثَها منازيعُ السِّهام
تقدم وهو مضطمرٌ مضرٌّ بقارحهِ على فأْس اللّجام
يقدّمُهُ فتًى من خيْرِ عَبْسٍ أبوهُ وأمهُ من آل حام
عَجوزٌ من بني حامٍ بْنِ نُوح: كأنّ جبينها حجرُ المقام
وتظلُّ عبْلة ُ في الخدور تجُرُّها وأظلُّ في حلق الحديدِ المبهم
يا عَبْلَ لو أبْصرْتِني لرَأيتني في الحربِ أُقدِمُ كالهِزَبْر الضَّيْغَمِ
وصغارُها مثلُ الدَّبى وكبارُها مثلُ الضَّفادِع في غدير مقْحَمِ
لما سمعتُ نداءَ مرَّة قد علا وابنى ْ ربيعة َ في الغبار الأقتم
ومُحلَّمٌ يَسْعَوْنَ تحْتَ لوائِهِ والموتُ تحتَ لواءِ آلِ محلم
أيقنتُ أنْ سيكونُ عند لقائهمْ ضرْبٌ يُطيرُ عن الفِراخِ الجُثّمَ
يدعونَ عنترَ والسيوفُ كأنها لَمْعُ البَوارقِ في سِحابٍ مُظْلم
يدعونَ عنترَ والدروعُ كأنها حَدقُ الضَّفادعِ في غديرٍ دَيْجَمِ
تسْعى حَلائِلنا إلى جُثمانه بجنى الأراكِ تفيئة ً والشبرُم
فأرى مغانمَ لو أشاء حويتها فيصدُّني عنها كثيرُ تحشمي
وأنتَ الذي كلّفتني دَلجَ السُّرَى وجون القطا بالجلهتين جثوم
سأُضْمِرُ وجدي في فؤَادي وأكْتُم وأَسْهرُ ليلي والعواذلُ نوَّمُ
وأطْمعُ من دَهري بما لا أنالهُ وألزمُ منه ذلَّ من ليسَ يرحمْ
وأرجو التداني منكِ يا ابنة مالكٍ ودونَ التَّداني نارُ حَرْبٍ تُضَرَّمُ
فمني بطيفِ من خيالكِ واسألي إذا عادَ عني كيفَ باتَ المتيَّمُ
ولا تَجْزَعي إنْ لَجَّ قوْمُكِ في دَمي فما لي بعْدَ الهجرِ لَحمٌ ولا دَمُ
ألم تسمعي نوحَ الحمائمٍ في الدجى فمنْ بعض أشجاني ونوحي تعلّموا
ولم يبْقَ لي يا عبلَ شخْصٌ معَرَّفٌ سوى كبدٍ حَرَّى تذوبُ فأَسقمُ
وتلكَ عِظامٌ بالياتٌ وأَضْلعٌ على جلدِها جيْشُ الصُّدودِ مخيِّمُ
وإنْ عشْتُ منْ بَعد الفراقِ فما أنا كما أدَّعي أني بعبلة َ مُغْرَمُ
وإنْ نامَ جفني كانَ نومي علالة ً أقولُ لعلَّ الطَّيف يأتي يسلّم
أَحِنُّ إلى تلكَ المنازلِ كلّما غدَا طائرٌ في أيكَة ٍ يترَنَّمُ
بكيتُ من البيْنِ المُشِتِّ وإنني صبورٌ على طعن القنا لو علمتُم
هذِه نارُ عبلة ٍ يا نديمي قد جلتْ ظلمة َ الظَّلام البهيم
تتلظَّى وَمثْلُها في فؤادي نارُ شَوْق تزْداد بالتَّضريم
أَضْرمَتْها بيضاءُ تهْتز كالْغُصْـ ن اذا ما انثنى بمرِّ النسيم
وكَستْهُ أنْفاسُها أرَجَ النَّـ
كاعبٌ ريقها ألذُّ من الشه ـدِ اذَا مازجتْهُ بنْتُ الكُرُوم
كلما ذُقتُ بارداً من لَماها خلتهُ في فمي كَنار الجحيم
سَرقَ البدْرُ حسْنَها واسْتعارَت سحرَ أجفانها ظباءُ الصَّريم
وغرامي بها غرامٌ مقيمُ وعذابي منَ الغرام المقيم
واتّكالي على الذِي كلّما أبـ صرَ ذلّي يزيد في تعظيمي
ومُعيني على النَّوائبِ ليثٌ هو ذخْري وفارجٌ لهمومي
ملِكٌ تسْجُدُ المُلوكُ لذِكْرَا ه وتومي إليهِ بالتفخيم
وإذا سارَ سابقتهُ المنَايا نحوَ أعداهُ قبلَ يومِ القدوم
تُعَنِّفني زَبيبة ُ في الملاَمِ على الإقدام في يومِ الزّحام
تخافُ عليَّ أن ألقى حمامي بطعن الرُّمح أو ضربِ الحسام
مقالٌ ليسَ يَقْبَلُهُ كِرامٌ ولا يرضى به غيرُ اللّئام
يخوضُ الشَّيْخُ في بَحْر المنايا ويرْجعُ سالماً والبَحْرُ طامِ
ويأْتي الموْتُ طِفلاً في مُهودٍ ويلقى حتفهُ قبلَ الفطام
فلا ترْضى بمنقَصَة ٍ وَذُلٍّ وتقنعْ بالقليل منَ الحطام
فَعيْشُكَ تحْتَ ظلّ العزّ يوْماً ولا تحت المذلَّة ِ ألفَ عام
سلي يا ابنة َ العبسيِّ رمحي وصارمي وما فَعلاَ في يوم حَرْبِ الأَعاجمِ
سقيتهما والخيلُ تعثرُ بالقنا دماءَ العدَا ممزوجة ًبالعلاقم
وفرَّقتُ جيشاً كانَ في جنباتهِ دمادمُ رعد تحتَ برقِ الصَّوارم
على مُهرة ٍ منْسوبة ٍ عربيَّة ٍ تطيرُ إذا اشتَدَّ الوغَى بالقَوائم
وتصهلُ خوفاً والرِّماحُ قواصدٌ إليها وتنْسَلُّ انسلاَلَ الأَراقم
قَحمْتُ بها بحرَ المنايا فحَمحَمتْ وقد غَرِقتْ في موْجِهِ المتلاطَم
وكم فارسٍ يا عَبلَ غادَرْتُ ثاوياً يَعَضُّ على كَفَّيْهِ عضَّة َ نادِمِ
تقلّبهُ وحشُ الفلاَ وتنوشهُ منَ الجوِّ أسْرابُ النُّسور القشاعِم
أحبُّ بني عبس ولو هدروا دَمي وأُظهرُ أني ظالمٌ وابْن ظالم
فؤادٌ لا يسلّيهِ المدامُ وجسمٌ لا يفارقهُ السَّقامُ
وأجفانٌ تبيت مقرَّحاتٍ تسيل دماً إذا جنَّ الظَّلام
وهاتفة ٌ شجتْ قلبي بصوتٍ يلذُّ بهِ الفؤَادُ المستَهامُ
شُغِلْتُ بذكْرِ عَبلَة َ عنْ سوَاها وَقُلْتُ لِصاحبي هذَا المَرام
وفي أرضِ الحِجازِ خِيامُ قَوْمٍ حلال الوصل عندهم حرام
وبينَ قبابِ ذاكَ الحيِّ خَوْدٌ رداحٌ لا يماط لها لثام
لها من تحت برْقُعِها عيونٌ صِحاحٌ حَشْو جَفْنيها سَقامُ
وبينَ شِفافها مِسْكٌ عَبيرٌ وكافورٌ يمازجهُ مُدام
فما للبدر إنْ سفرتْ كمالٌ وما للغصنٍ إنْ خطرتْ قوام
يلذُّ غرَامُها والوجدُ عِندي ومنْ يعْشَقْ يلَذ له الغرامُ
ألا يا عبلَ قد شَمِت الأعادي بإبعادي وقد أَمِنو وناموا
وقد لاقيتُ في سفري أُموراً تشيّبُ منْ له في المَهْدِ عامُ
وبعد العُسْر قد لاقيْتُ يُسراً وملكاً لا يحيطُ به الكلامَ
وسلْطاناً لهُ كلُّ البرَايا جنودٌ والزّمانُ لهُ غلام
يفيضُ عطاؤه من راحَتيْهِ فما ندري أبَحْرٌ أم غمام
وقد خلَعَتْ عليه الشَّمْسُ تاجاً فلا يغْشى مَعَالِمَهُ ظلاَمُ
جَواهرهُ النُّجومُ وفيه بدرٌ أقلُّ صِفاتِ صورتِه التّمام
بنو نعشٍ لمجلسه سريرٌ عليها والسَّماوات الخِيامُ
ولولا خوفهُ في كلِّ قطر من الآفاق ما قَرَّ الحُسامُ
جميعُ النَّاس جسْمٌ وهْوَ رُوحٌ به تَحيا المَفاصِلُ والعِظامُ
تُصَلِّي نحَوَهُ من كلِّ فَجٍّ ملُوكُ الأَرْض وهْو لها إمامُ
قدمْ يا سيَّد الثقلين وابقى مدى الأَيّام ما ناحَ الحمامُ
هاجَ الغرامُ فدُرْ بكاس مُدام حتى تغيبَ الشَّمْسُ تَحتَ ظلاَمِ
ودع العوذال يُطنِبوا في عذلهم فأَنا صديق اللَّومِ واللّوَّامِ
يدّنو الحبيبُ وإنْ تناءتْ دارهُ عني بطيفٍ زارَ بالأحلام
فكأَنَّ مَنْ قَدْ غَابَ جاءَ مُواصلي وكأَنَّني أُومي لهُ بسلاَم
ولقد لَقيتُ شدائداً وأوابداً حتى ارتقيتُ إلى أعزِّ مقام
وقهرتُ أبطالَ الوعى حتى غدوا جَرحى وقَتْلى منْ ضِرابِ حُسامي
ما راعنى إلاّ الفراق وجوره فأَطَعْتُهْ والدهرُ طَوعُ زِمامي
أَظُلماً ورمْحي ناصري وحُسامي وذلاًّ وعزِّي قائِدٌ بزمامي
ولي بأس مفتول الذِّراعينِ خادرٍ يدافع عنْ أشبالهِ ويحامي
وإني عزيزٌ الجار في كلِّ موطن وأُكرم نفْسي أنْ يهونَ مقامي
هجرت البيوت المشرفاتِ وشاقني بريق المواضى تحت ظلّ قتام
وقد خيَّروني كأْسَ خمْرٍ فلم أجد سوى لوعة ٍ في الحرب ذاتِ ضِرامِ
سأرحل عنْكم لا أزور دياركم وأقصدها في كلِّ جنح ظلام
وأطْلب أعدائي بكل سمَيذع وكل هزبرٍ في اللقاء همام
مُنِعتُ الكَرى إن لم أَقدْها عوابساً عليها كرامٌ في سروج كرام
تهزُّ رماحاً في يديْها كأَنَّما سقين من اللَّبات صرف مدام
إذا أشْرَعوها للطعان حَسِبْتها كواكب تهديها بدور تمام
وبيض سيوفٍ في ظلال عجاجة كقطر عوادٍ في سوادِ غَمام
أَلاَ غنيّا لي بالصّهيل فإنَّه سَماعي ورَقْراقُ الدماءِ نِدامي
وحطَّا على الرَّمضاءِ رحلي فإنها مقيلي وإخفاقُ البنودِ خيامي
ولا تذْكرا لي طيبَ عيْش فإنما بلوغُ الأّماني صحَّتي وسقامي
وفي الغزو ألقى أرغدَ العيش لذَّة ً وفي المجدِ لا في مشربٍ وطعام
فماليَ أرضى الذُّلَّ حظّاً وصارمي جريءٌ على الأعناق غير كهام
ولي فرسٌ يحْكي الرِّياح إذا جرى لأبعدِ شأو من بعيد مرام
يجيبُ إشاراتِ الضَّمير حساسة ً ويغنيكَ عن سوطٍ لهُ ولجام
خُسِف البدْرُ حين كان تماماً وخفى نُورُهُ فعاد ظلاَما
ودراري النُّجوم غارتْ وغابَتْ وضياءُ الآفاق صار قَتاما
حين قالوا زهيرُ ولى قتيلاً خيَّم الحُزنُ عِنْدنا وأقاما
قد سقَاهُ الزَّمانُ كاسَ حِمام وكَذاكَ الزمانُ يسْقي الحِماما
كانَ عوْني وعُدَّتي في الرَّزايا كانَ درعي وذابلي والحساما
يا جفوني إنْ لم تجودي بدمعٍ لجَعلْتُ الكَرى عليكِ حرَاما
قَسماً بالذي أماتَ وأحْيا وتَوَلى الأَرواحَ والأَجساما
لا رفعتُ الحسام في الحربِ حتى أتركَ القومَ في الفيافي عظاما
يا بني عامرٍ ستلقون برقاً من حسامي يجري الدّماءَ سجاما
وتَضجُّ النساءُ من خيفَة ِ السَّبـ ـي وتَبكي على الصّغار اليتامَى
قفا يا خليليَّ الغداة َ وسلما وعُوجا فإن لم تَفْعلا اليوْم تَنْدما
على طللٍ لو أنهُ كان قبلهُ تَكلَّمَ رَسْمٌ دارسٌ لَتَكَلَّما
أيا عزَّنا لا عزَّ في الناس مثله على عهْدِ ذي القرْنين لن يتَهدَّما
إذا خطرتْ عبسٌ ورائي بالقنا علَوْتُ بها بيتاً مِنَ المجدِ مُعْلما
تراهُمْ يَعدُّون العناجيجَ والقنا طوال الهوادي فوقَ وردٍ وأدهما
إذا ما ابتدرنا النَّهب من بعد غارة ٍ أثرنا غباراً بالسَّنابكِ أقتما
ألاّ ربَّ يومٍ قد أنخنا بدراهم أقيمُ بهمْ سيفي ورُمحي المقومَّا
وما هزَّ قومٌ راية ً للقائنا من النَّاسِ إلاّ دراهمْ ملئتْ دما
وإنَّا أبَدْنا جمَعَهُمْ برماحِنا وإنا ضَربْنا كَبْشَهُمْ فتحطَّما
بكلّ رقيق الشَّفرتينِ مهنَّدٍ حُسامٍ إذا لاقى الضَّريبة َ صمَمَّا
يُفلِّقُ هامَ الدَّارعينَ ذُبابُهُ ويَفْري مِنَ الأَبطالِ كفّاً ومِعصَما
أتاني طَيْفُ عبْلة َ في المَنامِ فقبَّلني ثلاثاً في اللثامِ
وودَّعني فأودعني لهيباً أستّرُهُ ويَشْعُلُ في عِظامي
ولو أنني أخْلو بنفْسي وأطفي بالدُّموع جوى غرامي
لَمتُّ أسى ً وكم أشْكو لأَني وأطْفي بالدُّموع جَوى غَرامي
أيا ابنة َ مالكٍ كيفَ التَّسلّي وعهدُهواك من عهدِ الفِطام
وكيفَ أرُومُ منْكِ القُرْبَ يوْماً وحولَ خباكِ آسادُ الإجام
وحقِّ هواكِ لا داوَيْتُ قلبي بغيرِ الصبر يا بنتَ الكرام
إلى أنْ أرتقي درجَ المعالي بطعن الرُّمح أو ضربِ الحسام
أنا العبدُ الذي خُبّرْتِ عنه رَعيْتُ جِمالَ قوْمي منْ فِطامي
أروحُ من الصَّباح الى مغيبٍ وأرقُدُ بينَ أطْنابِ الخِيامِ
أذِلُّ لعبْلة ٍ منْ فَرْطِ وجْدي وأجعلها من الدُّنيا اهتمامي
وأمْتثِلُ الأَوامرَ منْ أَبيها وقد مَلكَ الهوى مني زمامي
رضيتُ بحبّها طوْعاً وكُرْهاً فهلْ أحظى بها قبلَ الحمام
وإنْ عابتْ سوادي فهو فخري لأني فارسٌ من نسل حام
ولي قلْبٌ أشَدُّ منَ الرّواسي وذكري مثلُ عرْفِ المسْكِ نام
ومنْ عَجبي أَصيدُ الأُسْد قَهْراً وأَفتَرسُ الضَّواري كالهوَام
وتقنصني ظبا السَّعدي وتسطو عليَّ مها الشَّرِبَّة ِ والخُزام
لَعَمْرُ أبيكَ لا أَسْلو هَواها ولو طحنتْ محبَّتها عظامي
عليْكِ أَيا عُبيْلة ُ كلَّ يوْمٍ سلامٌ في سلامِ في سلامِ
أنا في الحربِ العوان غيرُ مجهول المكان
أينما نادَى المنادي في دُجى النَّقْع يرَاني
وحسامي مع قناتي لفعالي شاهدان
أنني أطعنُ خصمي وَهْو يَقْظانُ الجَنانِ
أسقِهِ كاسَ المنايا وقِراها منهُ دَاني
أشعلُ النَّار ببأسي وأطاها بجناني
إنني ليثٌ عبُوسٌ ليسَ لي في الخلْق ثاني
خلق الرِّمحُ لكفي والحسامُ الهندواني
ومعي في المَهْدِ كانا فوْق صدْري يُؤْنِساني
فإذا ما الأَرضُ صارتْ وردة َ مثل الدّهان
والدّما تجري عليها لونها أحمرُ قاني
ورأيتُ الخيلَ تهوي في نَوَاحي الصَّحْصحان
فاسْقياني لا بكأْسٍ من دمٍ كالأرجوان
واسمعاني نغمة َ الأس ـيافِ حتى تُطرباني
أطيبُ الأصواتِ عندي حُسْنُ صوْت الهنْدواني
وصريرُ الرُّمحِ جهراً في الوغى يومَ الطَّعان
وصِياحُ القوْمِ فيه وهْو للأَبْطال داني
أُحِبُّكِ يا ظَلُومُ فأَنْتِ عِنْدي مكان الرُّوح من جسدِ الجبان
ولو أَني أقولُ مكانَ روحي خشيتُ عَليْكَ بادِرَة َ الطّعانِ
يا أيها الملكُ الذي راحاتُهُ قامَتْ مَقامَ الغيْثِ في أزمانِهِ
يا قِبْلَة َ القُصَّادِ يا تاجَ العُلا يا بدْر هذا العصر في كيوانه
يا مُخجِلاً نَوْءَ السَّماء بجُودهِ يا مُنْقذَ المحزونِ منْ أحزانه
يا ساكِنينَ ديارَ عبْسٍ إنني لاَقيْتُ منْ كِسرى ومنْ إحْسانه
ما ليْس يوصَفُ أو يُقَدَّرُ أوْ يَفي أوْصافَهُ أحدٌ بوَصْفِ لسانه
ملكٌ حوى رتبَ المعالي كلّها بسموِّ مجدٍ حلَّ في إيوانه
مولى به شرفَ الزَّمانُ وأهلهُ والدَّهْرُ نالَ الفَخْرَ من تيجانه
وإذا سطا خافَ الأنامُ جميعهم منْ بأْسهِ واللّيثُ عنْد عِيانِه
المظهرُ الإنصاف في أيَّامهِ بخصالهِ والعدلَ في بلدانهِ
أمسيتُ في ربعٍ خصيبٍ عندهُ متنَزِّهاً فيه وفي بسْتانهِ
ونظَرْتُ برْكَته تَفيضُ وماؤها يَحْكي مواهِبَه وجودَ بنانه
في مَربَعٍ جمَعَ الرَّبيعَ بربْعهِ من كلِّ فنِّ لاحَ في أفنانه
وطُيورُهُ منْ كلِّ نوْعٍ أَنْشَدَتْ جهراً بانَّ الدَّهرَ طوعُ عنانه
ملكٌ إذا ما جالَ في يوم اللّقا وَقَفَ العدُّو مُحيَّراً في شانه
والنَّصْرُ من جُلَسائِهِ دونَ الورى والسَّعد والإقبالُ من أعوَانه
فلأشكرنَّ صنيعه بينَ الملا وأُطاعِنُ الفُرْسانَ في مَيْدانِهِ
إذا خصمي تقاضاني بدينٍ قَضيْتُ الدَّينَ بالرُّمح الرُّديني
وحدُّ السَّيفِ يُرضينا جميعاً ويحكمُ بينكم عدلاً وبيني
جَهلْتُم يا بني الأَنذَالِ قدري وقد عرفته أهلُ الخافقين
وما هدمتْ يدُ الحِدْثانِ ركْني ولا امتَدَّتْ إليَّ بَنانُ حَيْني
علَوْتُ بصارمي وسِنانِ رُمحي على أُفْق السُهى والفَرْقَدَين
وغادرت المبارزَ وسطَ قفرٍ يُعَفِّرُ خدَّهُ والعارِضَيْنِ
وكم منْ فارسٍ أَضْحى بسْيفي هشيمَ الرَّأس مخضوب اليدين
يجومُ عليهِ عقبانُ المنايا وتحجلُ حولهُ غربانُ بينٍ
وآخرُ هاربٌ من هول شخصي وقد أجرى دموع المقلتين
وسوْفَ أُبيدُ جمْعَكُمُ بِصَبْري ويطفا لاعجي وتقرُّ عينى
يا طائر البان قد هيَّجتَ أشجاني وزِدْتَني طرَباً يا طائرَ البانِ
إن كنتَ تندب إلفاً قد فجعتَ بهِ فقد شجاكَ الذي بِالبينِ أشجاني
زدني من النَّوح واسعدني على حزني حتى تَرى عجباً من فَيْضِ أجفاني
وقِفْ لتَنْظُرَ ما بي لا تَكنْ عَجِلاً واحذَرْ لِنَفْسِكَ من أَنْفاسِ نيراني
وطرْ لعلك في ارض الحجازِ ترى رَكْباً على عَالِجٍ أوْ دون نَعْمان
يسري بجارية ٍ تنهلُّ أدمعها شوقاً إلى وطن ناءٍ وجيران
ناشدتُكَ الله يا طيرَ الحمامِ إذا رأيتَ يوْماً حُمُولَ القوْمِ فانعاني
وقلْ طريحاً تركناهُ وقد فنيت دُموعُهُ وهوَ يبكي بالدَّم القاني
لمَنْ طَللٌ بالرْقَمتين شجاني وعاثت به أيدي البلى فحكاني
وقفتُ به والشَّوقُ يكتبُ أسطراً بأَقْلاَم دَمعي في رُسوم جَناني
أُسائلُه عنْ عبلة ٍ فأَجابني غرابٌ به ما بي من الهيمان
ينوحُ على إلفٍ لهُ واذا شكا شكا بنَحيبٍ لا بنطْق لِسان
وينْدبُ منْ فرْطِ الجوى فأجبتُه بحسرة ِ قلبٍ دائم الخفقان
ألا يا غرابَ البين لو كنت صاحبي قطَعنا بلاَدَ الله بالدَّوران
عسى أن نرى من نحو عبلة مخبراً بأيَّة ِ أرضٍ أو بأيِّ مكان
وقد هتفتْ في جنح ليل حمامة ٌ مغردة ٌ تشكو صروف زمان
فقلتُ لها لو كُنْتِ مثْلي حزينة ً بكيتِ بدمعٍ زائدِ الهملان
وما كنْتِ دي دوْحٍ تَميسُ غصونهُ ولا خَضّبتْ رجلاكِ أحمَر قاني
أيا عبلَ لو أنَّ الخيال يزورُني على كلِّ شهرٍ مرّة ً لكَفاني
لئن غبتِ عن عيني ياا بنة مالكٍ فشخْصُكِ عنْدِي ظاهرٌ لعياني
غداً تصبحُ الأَعداءُ بين بُيوتِكُم تعَضُّ من الأَحزان كلَّ بنانِ
فلاَ تحْسَبُوا أن الجيوشَ تَرُدُّني إذا جُلْتُ في أكْنافِكُمْ بحصاني
دعوا الموت يأتيني على أيِّ صورة ٍ أتى لأُريه موْقفي وطِعاني
يا دارُ أينَ ترَّحلَ السُّكانُ وغدتْ بهم من بعدنا الأظعانُ
بالأمسِ كان بكِ الظباءُ أوانساً واليومَ في عرصاتكِ الغربان
يا رداَ عبلة َ أين خيَّمَ قومها لمَّا سَرَتْ بهمُ المَطيُّ وبانُوا
ناحت خميلاتُ الأراك وقد بكى من وحشة ٍ نزلت عليه البان
يا دارُ أرواحُ المنازلِ أهلها فإذا نأَوْا تَبكيهم الأبدانُ
يا صاحبي سَلْ ربْعَ عبْلَة َ واجتهدْ إنْ كانَ للرّبعِ المحيل لسان
يا عَبْلُ ما دَامَ الوصالُ ليالياً حتى دهانا بعدهُ الهجران
ليت المنازلَ أخبرت مستخبراً أين استقرَّ بأهلها الأوطان
يا طائراً قد باتَ يندبُ إلفهُ وينُوحُ وهْوَ مُولّهٌ حَيرانُ
لو كنتَ مثلي ما لبثتَ ملوَّناً حَسناً ولا مالتْ بكَ الأَغصان
أين الخَليُّ القلْبِ ممَّنْ قلْبُهُ من حرِّ نيرانِ الجوى ملآن
عِرْني جَناحَكَ واسْتعِرْ دمْعي الذي أفنى ولا يفنى له جريان
حتى أَطيرَ مُسائلاً عنْ عبْلة ٍ إنْ كان يُمكنُ مثليَ الطَّيرانُ
سلي يا عبلة َ الجبلينِ عنَّا وما لاقتْ بنو الأعجام منَّا
أَبَدْنَا جَمْعَهُمْ لما أَتوْنا تموجُ مواكبٌ إنساً وجنا
وراموا أك
الخميس مارس 08, 2012 3:29 am من طرف ابوحسين
» ديوان عنتره بن شداد الجزء الاول
الخميس مارس 08, 2012 3:28 am من طرف ابوحسين
» عابرة مشتاق للبلد
الإثنين فبراير 27, 2012 2:31 am من طرف ابوحسين
» لحظة شعور وبركان الحنين
الأحد فبراير 26, 2012 5:28 pm من طرف ابوحسين
» شاعر العابرات محمداحمد علي الحبيب
الأحد فبراير 26, 2012 5:19 pm من طرف ابوحسين
» مخاض الشعر إن يأتي صبيا للاخ الشاعر محمد المظلي
الخميس أغسطس 18, 2011 8:31 am من طرف ابوحسين
» إبن عبقر للاخ الشاعر محمد المظلي
الخميس أغسطس 18, 2011 8:29 am من طرف ابوحسين
» ردا على الشاعرة روضة الحاج للاخ الشاعر محمد المظلي
الخميس أغسطس 18, 2011 8:26 am من طرف ابوحسين
» فريضتي للاخ الشاعر محمد المظلي
الخميس أغسطس 18, 2011 8:23 am من طرف ابوحسين