مخاض الشعر إن يأتي صبيا للاخ الشاعر محمد المظلي

أشاب القلب مذ أحببت ليلى
أم الأحزان أعمار طوال
وحزن في الجوى يشتد حزنا
أليما وقتما واسمي تقال
كأني يوم شبت وشاب قلبي
بلغت الدهر يحسدني المحال
فيوم للحبيب يمد عاما
وسعد للقبور إذا يحال
وروح لا تغادرني بعيدا
كأن الروح في جوفي رحال
تقود العقل تلحقه جنونا
فيلفظ في الهوى ما لا يقال
ويصعد في القصيد بلا دواع
فينآى القلب عن سعدي يقال
فليت الشعر لو يبقى حليفا
فيمحو الحزن عن قلبي الخيال
واعلو اليوم في عشقي سماء
حننت لها بود لو تطال
فأنثر فوقنا عشقي نجوما
يتوج أوجها القلب الهلال
يعيرني الصحاب بحب بنت
تلاوح لي إذا ذكر الكمال
فأمضي باسطا كفي وعيني
أروم الحسن يملؤني السؤال
كأني يا هدى الأبصار طفل
وأنت اللطف ينسجه الجمال
لأردى في الهوى مفتون حسن
فما للموت يا حظي محال
وحق العشق ينبوعا بقلبي
كموت العشق لا فخرا ينال
سألتك بالذي يهتاج جوفي
لغير الحب هل يردى الرجال
أبيت الليل مخمورا كحالي
وما إلا تذكرها الخمور
فأخلد في الدجى والقلب صاح
فكيف النوم إذ صدري يمور
حبيب مثل شمس في الأعالي
تظل العمر في فلك تدور
وعمري في الهوى أفق طويل
فيعلو نحو هالتها يثور
فلا بالشمس قد جادت غروبا
إلى أفقي ولا وصل الصبور
فأعلق حينها ذلا أناجي
فما لي اليوم يهجرني الغرور
فأقبع في المدى أرثو لحالي
فلا وفقت لا طلع السحور
يصوم الأنس مشتاقا لعيد
وعيد العشق يا أنسي يجور
يطوف الكون إلانا ويمضي
وتمضي الإشتياق له الصدور
فأبصر بالجوى شوقي حزينا
تعبر بالمداد له السطور
وملئي ملئ إحساس جحيم
تداري في الحشى أمري الشهور
يعيرني الصحاب بحب أنثى
يشع بوجهها الماسي نور
فإن نظر الفؤاد بأم عين
سيدري أين تعتكف البدور
ويبصر خدها الوردي يندى
يفوح تراقصا منه البخور
فأوقن أنني ما كنت أدري
بأن الحور من ليلى تغير
فتأتي القلب تشكوني إليه
وقلبي مثلها مني غيور
فأحسد مرة قلبي عليها
وتحسد عشرة عمري عصور
سقاني الله من ليلى غراما
أحب إلي من لبني صغيرا
فيسكب بالجوى كالماء سهلا
تقطر داخلي عذبا نميرا
فيطفو القلب منتشيا عليه
كأن الحب يجعله أميرا
فحينا يحتلي فينا نعيما
وحينا ينجلي فينا سعيرا
فيغدو الجلد جلبابا قديما
ويغدو الصدر من عظم فقيرا
فلا حولا ولا بأسا بقلب
يدك اليوم في سقر أسيرا
أنمدح في الهوى والقلب يبكي
بشط الهم لا يشكو فتورا
ونعلق بالهوى والشعر بكم
يعاني القصر إذ يبدو قصيرا
فيبدو إن أروم له وصالا
كنجم لاح من بعد صغيرا
أمد الكف إذ أبغيه فيه
فيسقط كالشهاب سدى منيرا
وحالي منذ أطلقني لبؤسي
يشابه ما رآى عشقي دهورا
فعشقي والقصيد بنات نحس
تذيق النفس ويلا مستطيرا
أقاوم كل يوم ما توالى
من الأشعار ما يبدو عسيرا
وأدفع عن يدي حبرا ينادي
ببوح القلب مفتعلا هديرا
كأن الحبر والعشاق أهل
وويحي بينهم أحيى سفيرا
فأبكي مشفقا من بؤس حالي
يكاد الدمع يجعلني ضريرا
فلا دمعي يقاسمني اشتياقي
ولا شوقي يعاودني بصيرا
فشاب القلب مذ أحببت ليلى
وصار الحزن يصفعني مرارا
يشبه مخطئا أني المسيح
فأصلب عاشقا خطأ جهارا
فتختنق الدواة تشد كفي
تولول إذ تصيح تقول نارا
مخاض الشعر إن يأتي صبيا
كحد السيف تحسبه درارا
أعرف بعضه كالغيث يأتي
وبعض الشعر قد يأتي ضرارا
فإن جاء المخاض لمن تلوى
وعض القلب لم يقو اصطبارا
سيهرم حين ينتحب الفؤاد
حزينا مكرها يعوي مثارا
فيغشى الشيب مضغته صغيرا
فشيب الحزن لا يذرو صغارا